أقول: قد عرفت في غير موضع مما تقدم أن الاعتماد عندنا في تأسيس الأحكام الشرعية إنما هو على الأدلة المعصومية دون التخريجات العقلية، وقد عرفت أن هذا التعليل الذي بنى عليه وإن كان مما يتسارع إلى الفهم قبوله، إلا أن الأخبار ترده كما عرفت، وحينئذ فمن الجائز أن يقال في الجواب عما ذكره أولا إنه لما كان لفظ الإيجاب صالحا لكل منهما، وامتنع حمله على المتعة وإن كانت هي المقصودة للاخلال بشرطها وهو ذكر الأجل إلا أنه لا مانع من حيث صلاحية اللفظ الدائم أن يحمل عليه، وينقلب العقد إليه وأن لم يكن مقصودا وهو يرجع إلى بطلان ما ادعوه من اشتراط الحصة بالقصد هذا.
وأما جوابه عن الخبر بعدم الدلالة، أن المعنى فيه ما ذكره فهو بعيد، إن لا يخفى على المتأمل أن الخبر ظاهر في أن المدار في الفرق بين كون العقد دائما أو منقطعا إنما هو على تسمية الأجل في العقد وعدمها، وفيه إشعار بأن القصد لا اعتبار به، وإنما الاعتبار بذكر الأجل وعدمه، فإن ذكر الأجل كان منقطعا وإن قصد الدائم، وإن لم يذكره فهو دائم وإن قصد المنقطع، هذا ظاهره، وإن كان على خلاف مقتضى قاعدته التي بنى عليها، وضابطته التي استند إليها، وأظهر منه خبر أبان بن تغلب، وهو الخبر الرابع، فإنه صريح الدلالة، وهو الذي استدل به غيره، إلا أنه لم ينقله في المقام، ومثلهما كما عرفت الخبر الحادي عشر، فإنه ظاهر في عدم انعقاد العقد متعة إذا جل الأجل مرة مبهمة، ومقتضاه على ما يدعيه أن يكون العقد باطلا مع أنه لم يحكم عليه السلام فيه بالبطلان، وإنما حكم بانقلابه دائما فيكون من قبيل الخبرين الأولين، وهو ظاهر الدلالة في خلاف ما زعمه.
نعم، له الطعن في هذه الأخبار بضعف السند، إلا أنه عندنا وعند متقدمي أصحابنا غير مسموع ولا معتمد، ومن العجب أن سبطه في شرح النافع بعد أن ذكر الروايتين أجاب عنهما بما أجاب جده عن موثقة ابن بكير من أنه لا دلالة