من هذا الوقوف إنما هو الوقوف الشرعي الذي هو بعد الفجر، إذ مجرد البيات بالليل لا يسمى وقوفا شرعا، ولهذا إنهم اختلفوا في وجوبه وعدمه والمشهور وجوبه، وقال في التذكرة: إنه ليس بواجب وغاية ما استدل به في المدارك علي وجوبه التأسي، وضعفه ظاهر، وقوله (عليه السلام) في صحيحة معاوية بن عمار (1): (ولا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة) وهو غير ظاهر في الوجوب، لامكان حمله على الفضل والاستحباب لشرف المكان وفضله. مع عدم استلزام مجرد النزول المبيت، لجواز خروجه إلى موضع آخر ليلا وإن عاد إليه وقت الوقوف. وبالجملة فإن دلالته على الوجوب غير ظاهرة، وحينئذ فحاصل معنى الخبر إنما هو السؤال عن من وقف بعد الفجر وأفاض قبل طلوع الشمس، والتفصيل في الجواب إنما وقع وفي حكم المفيض الجاهل في هذا الوقت وبذلك تحصل السلامة من هذه الاشكالات ومخالفة صحاح الروايات وإن خالف ذلك المشهور عندهم.
هذا كله في ما لو أفاض قبل الفجر عامدا أما لو كان ناسيا فظاهرهم أنه ليس عليه شئ.
قال في المدارك بعد قول المصنف: (ولو أفاض ناسيا لم يكن عليه شئ): هذا من ما لا خلاف فيه بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) ولم أقف فيه على رواية تدل عليه صريحا. وربما أمكن الاستدلال عليه بفحوى ما دل على جواز ذلك للمضطر وما في معناه، وفي الحاق الجاهل بالعامد أو الناسي وجهان. انتهى.
أقول: يمكن القول هنا بصحة حج الجاهل بناء على ما يأتي تحقيقه - إن شاء الله تعالى - من أن من ترك الوقوف بالمشعر جاهلا مع وقوفه