يبعث معه بثمن أضحية، ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت، ويذبح عنه فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد، فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس).
أقول: والكلام في هذه الأخبار يقع في مواضع: الأول لا يخفي أن هذه الروايات قد رواها المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في أصولهم المشهورة، فما بين ما اشتركوا في روايته، وما بين ما انفرد كل منهم ببعض منها، وهو دليل واضح على صحتها عندهم والعمل بها.
وبذلك يظهران كلام ابن إدريس وطعنه فيها من ما لا ينبغي أن يصغى إليه، وهل الطعن فيها مع رواية أساطين الطائفة المحقة لها ووجودها في الأصول المأثورة عنهم (عليهم السلام) إلا طعن في أخبار الشريعة كملا؟
قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك: واعلم أن هذه العبارة قد وردت في النصوص الصحيحة المتكثرة، وذكرها أكثر الأصحاب في كتبهم، وأفتوا بمضمونها، واثبات الأحكام الشرعية يحصل بدون ذلك. وحينئذ فلا يلتفت إلى إنكار ابن إدريس لها، وزاعما أن مستندها أخبار آحاد لا تكفي في تأسيس مثل ذلك، فإن ذلك منه في حين المنع. انتهى.
الثاني ظاهر الأخبار المذكورة المطابقة لما ادعاه الشيخ من وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم في مدة المواعدة، والتكفير لو تلبس بشئ من المحرمات، وظاهر جملة من أصحابنا منهم - شيخنا: الشهيد الثاني - أن محرمات الاحرام في المدة المضروبة مكروهة لا محرمة.
قال في المسالك: يكره له بعد النية ملابسة تروك المحرم كراهة شديدة، وفي رواية أبي الصباح عن الصادق (عليه السلام) (يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم حتى يبلغ الهدي محله).