بل يدخل بمثل ما خرج منه. قال محمد بن إدريس، وليس على ما قاله (رحمه الله) دليل من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا اجماع، بل الأصل براءة الذمة. وبما شاء يحرم في المستقبل. انتهى. وبذلك يظهر لك أن ما ذكره في المدارك ناشئ عن الغفلة وعدم مراجعة مذهب ابن إدريس في المسألة.
أقول: وكلام ابن إدريس جيد على أصوله الغير الأصيلة، وإلا فالسنة قد دلت على ما ذكره الشيخ، وغير أن الشيخ لما كان من عادته في النهاية الافتاء بمتون الأخبار غالبا ذكر فتواه بصورة الرواية، والرواية على اطلاقها غير معمول عليها. وبعين ما تؤول به الرواية يؤول كلامه. والوجه فيه ما ذكره العلامة وغيره من أن الحج الأول، إن كان واجبا فالقضاء قرانا واجب، وإن كان مستحبا فهو مخير، وإن كان الأفضل جعله قرانا، وأما كلام ابن إدريس فهو ساقط رأي العين، لأنه مبني على اطراح الروايات من البين.
السابع - المحصور قبل بلوغ الهدي محله، إن احتاج إلى حلق رأسه لأذى، ساغ له ذلك، ووجب عليه الفداء صرح به في المنتهى.
واستدل عليه برواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) قال:
(إذا أحصر الرجل فبعث بهديه، وآذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه، فإنه يذبح في المكان الذي أحصر فيه، أو يصوم، أو يطعم ستة مساكين).
أقول: وهذه الرواية قد رواها الشيخ في موضع من التهذيب (2)