وقوعها في جميع أيام السنة كما قطع به الأصحاب (رضوان الله عليهم).
أقول: متى ثبت الدليل على الفورية، والعبادات توقيفية، يجب الوقوف فيها على ما رسمه صاحب الشرع وقتا وكمية وكيفية، فإن كان ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) لا عن دليل فهو خروج عن ما رسمه صاحب الشريعة فلا يكون مجزئا ولا صحيحا، وإن كان عن دليل فقد تصادم الدليلان في المسألة وعظم الاشكال، إلا أن يترجح أحدهما بما يوجب العمل به وطرح الآخر. فما ذكره (قدس سره) لا أعرف له على اطلاقه وجها وجيها.
وبالجملة فإن كلامهم في هذه المسألة غير منقح ولا واضح، والأدلة فيها كما عرفت. والله العالم.
المسألة الخامسة - ميقات العمرة هو ميقات الحج لمن خارجا عن حدود المواقيت المتقدمة إذا قصد مكة، وأما غيره ممن كان داخلا بينها وبين مكة أو من أهل مكة أو مجاورا بمكة وأراد العمرة فإنه يخرج إلى أدنى الحل، وأفضله من أحد المواقيت التي وقتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمة، وهي الحديبية وجعرانة وعسفان والتنعيم.
وظاهر الدروس الترتيب بينها في الفضل، حيث قال: وأفضله الجعرانة لا حرام النبي (صلى الله عليه وآله) منها، ثم التنعيم، لأمره بذلك، ثم الحديبية، لاهتمامه بها.
أقول: الظاهر أن احرامه يومئذ من الجعرانة إنما هو من حيث كونه في طريقه بعد رجوعه من الطائف إلى مكة، فلا يدل على خصوصية توجب الفضل على غيرها. وقد أهل أيضا من عسفان في بعض عمره، كما يأتي في الأخبار إن شاء الله تعالى في المقام.