ثم إنه قد تقدم أيضا أن وجوب القضاء على المصدود إنما هو في صورة ما إذا كان الحج واجبا مستقرا في الذمة.
وعلى هذا ففي المسألة صور: الأولى - أن يقال إن حجة الاسلام هي الأولى والثانية عقوبة. وقد صرح جملة من الأصحاب بأن الواجب على تقدير هذا القول الاتيان بحجتين بعد الصد والتحلل مع وجوب الحج واستقراره، وبيانه أنه لا اشكال في وجوب الحج ثانيا بالافساد، سواء قلنا إن الأولى هي حجة الاسلام والثانية عقوبة أو بالعكس. وحينئذ فمتى قلنا بأن الأولى هي الفرض - وقد عرفت أن الحج الواجب المستقر متى صد عنه وتحلل منه وجب قضاؤه - وجب القضاء في هذه الصورة، لأنها أحد جزئيات هذه الكلية. وعلى هذا فيجب عليه أولا حجة القضاء ثم حج العقوبة للافساد السابق.
الثانية - إن الحج ليس بمستقر والواجب حج العقوبة خاصة، ويسقط القضاء، لأن القضاء مراعى بفوته مع الاستقرار في الذمة، كما تقدم تحقيقه في محله، وهنا ليس كذلك كما هو المفروض.
الثالثة - أن يكون الحج مستحبا، وهو وإن وجب بالشروع فيه كما تقدم، ووجب قضاؤه بالافساد أيضا، واتمامه، كما تقدم في محله، إلا أنه لا يجب قضاؤه بالصد عنه اتفاقا نصا وفتوى في ما أعلم. وحينئذ فمتى صد عنه وتحلل منه سقط أداء وقضاء وبقي حج الافساد خاصة.
الرابعة - أن يقال: إن الأولى عقوبة والثانية حجة الاسلام.
ولا ريب ولا اشكال - كما عرفت - في وجوب الحج ثانيا، وهو على هذا القول يكون قضاء لحج الاسلام.
بقي الكلام في الحج الأول الذي أفسده وهو عقوبة على هذا القول