وأنه إذا وجب ذلك في طواف النساء ففي غيره من طواف الحج والعمرة بطريق أولى، بالتقريب الذي قدمنا ذكره، ولا أعرف للمسألة دليلا غير ذلك. وأما صحيحة علي بن جعفر فيجب ارجاعها إلى هذا التقريب، بتقييد اطلاقها بما قدمنا ذكره، وحمل البدنة فيها على أحد الوجهين المتقدمين. وبذلك تتلائم الأخبار ويتم الاستدلال.
وأما ما ذكره في المنتهي - من الاستدلال على هذا الحكم برواية علي بن أبي حمزة وصحيحة علي بن يقطين (1) فهو من عجيب الاستدلال فإنه قال بعد بيان وجوب طواف الحج وركنيته: إذا ثبت هذا، فإن أخل به عامدا بطل حجه، وإن أخل به ناسيا وجب عليه أن يعود ويقضيه، فإن لم يتمكن استناب فيه.. إلى أن قال: ويدل على حكم الناسي ما رواه علي بن أبي حمزة.. ثم ساق الخبر، ثم نقل صحيحة علي بن يقطين ونسبها إلى علي بن جعفر. وأنت خبير بما فيه، فإن مورد الروايتين الجاهل، ولا يمكن أن يقال هنا بحمل النسيان على الجهل وأن حكمهما واحد، لأنه) قدس سره) قد قدم أن حكم الجاهل هنا كالعامد في وجوب الإعادة والكفارة حسبما دل عليه الخبران المذكوران وهو المشهور كما تقدم، وحكم الناسي عندهم هو ما ذكره هنا من التفصيل وبالجملة فالظاهر أن كلامه هنا إنما نشأ من الاستعجال وعدم التدبر في المقال، كما يظهر من نسبة صحيحة علي بن يقطين إلى علي بن جعفر والله العالم.