كان البعث من أفق من الآفاق، يعني: الأماكن البعيدة عن الميقات فإنه يواعد يوما يقلد فيه الهدي ويحرم في ذلك اليوم. والله العالم.
الباب الثالث في العمرة وهي لغة: الزيارة، وشرعا عبارة عن زيارة البيت لأداء المناسك المخصوصة عنده. وهي على قسمين: عمرة مبتولة، وعمرة تمتع.
وحيث كانت العمرة المتمتع بها إلى الحج مقدمة على الحج، وهي أول المناسك في مكة بعد الاحرام، حسن عقد هذا الباب لها بعد ذكر الاحرام وتوابعه. وذكر المفردة بعدها في هذا الباب وقع استطرادا.
وحينئذ فالكلام في هذا الباب يقع في مطلبين: الأول - في عمرة التمتع وما تتوقف عليه من الدخول إلى مكة، وفيه بحوث:
الأول - قد عرفت في ما تقدم أنه يستحب لمن أراد التمتع أن يوفر شعر رأسه، وما يتعلق بذلك من الأبحاث، والاحرام وأحكامه وكيفيته، والغسل له، والمواقيت، وجميع ما يتعلق بذلك، ويترتب عليه فلا وجه لإعادته، وإنما يبقى الكلام في دخول الحرم ومكة وآدابه:
يستحب عند دخل الحرم الغسل لدخوله، ومضغ شئ من الإذخر روى الشيخ في التهذيب (1) عن أبان بن تغلب قال: (كنت مع أبي عبد الله) عليه السلام) مزاملة في ما بين مكة والمدينة، فلما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل وأخذ نعليه بيديه ثم دخل الحرم حافيا، فصنعت مثل ما صنع، فقال: يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت