ويعضد ذلك ما ذكره العلامة في المنتهى حيث قال بعد البحث في المسألة وذكر خبري إسحاق ومعاوية بن حكيم: إذا عرفت هذا فإنه يستحب الإفاضة بعد الاسفار قبل طلوع الشمس بقليل، على ما تضمنه الحديثان الأولان، وبه قال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي، وكان مالك يرى الدفع قبل الإسفار (1).
وهو ظاهر في أنما دلت عليه هذه الأخبار مذهب الجمهور، إلا أن متأخري أصحابنا (رضوان الله تعالى عليهم) حيث لم يصل إليهم ما يخالفها جمدوا عليها، فالعذر لهم واضح، والمتقدمون سيما الصدوقان لما عثروا على ما خلفها أطرحوها وتمسكوا بغيرها، فإن القول بوجوب اللبث إلى طلوع الشمس مذهب جمع منهم كما تقدم. والظاهر أنهم لم يصيروا إلى ذلك مع وصول هذه الأخبار إليهم إلا من حيث الوقوف على دليل سواها، والدليل من عبارة كتاب الفقه واضح كما عرفت.
وبالجملة فالاحتياط يقتضي التأخير إلى طلوع الشمس، والخروج قبله لا يخلو من الاشكال، كما عرفت من عبارته (عليه السلام) في كتاب الفقه، والكتاب عندنا - كما عرفت في غير موضع - معتمد كما اعتمده الصدوقان (نور الله تعالى مرقديهما). والله العالم.
الثالثة - قد عرفت من ما تقدم أن الواجب في الوقوف النية كغيره من العبادات من غير خلاف يعرف، وعلى هذا لو نوى الوقوف ثم نام أو جن أو أغمي عليه صح وقوفه، وهو المعروف من مذهب الأصحاب (رضوان الله عليهم) لأن الركن من الوقوف مسماه، وهو يحصل بأن يسير بعد النية