قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك: المحصر اسم مفعول من (أحصر) إذا منعه المرض من التصرف، ويقال للمحبوس: (حصر) بغير همز فهو محصور. وقال الفراء: يجوز أن يقوم كل واحد منهما مقام الآخر. وخالفه أبو العباس المبرد والزجاج، قال المبرد: نظيره (حبسه) جعله في الحبس، و (أحبسه) عرضه للحبس، و (اقتله) عرضه للقتل.
وكذا (حصره) حبسه و (أحصره) عرضه للحصر.
والفقهاء يستعملون اللفظين - أعني المحصر والمحصور - ههنا، وهو جائز على رأي الفراء. انتهى.
والذي يظهر من ما قدمنا من كلامهم اتحاد الحصر والصد، وأنهما بمعنى المنع، من عدو كان أو مرض. وهذا هو الذي عليه عامة فقهاء الجمهور (1) وأما عند الإمامية - وهو الذي دلت عليه أخبارهم - فهو أن اللفظين متغايران، وإن الحصر هو المنع من تتمة أفعال الحج أو العمرة بالمرض، والصد هو المنع بالعدو. قال العلامة في المنتهى:
الحصر عندنا هو المنع من تتمة أفعال الحج - على ما يأتي - بالمرض خاصة، والصد بالعدو، وعند فقهاء المخالفين الحصر والصد واحد، وهما من جهة العدو. انتهى. ونقل النيشابوري وغيره اتفاق المفسرين على أن قوله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) (2) نزلت في حصر الحديبية (3). ويفترقان أيضا في أن المصدود يحل له بالمحلل جميع ما حرمه الاحرام حتى النساء، دون المحصور فإنه يحل له ما عدا النساء. وفي مكان الذبح، فالمصدود يذبحه في محل الصد، والمحصور