تقصير العالم أشد لتعمده المخالفة في ما علم وجوبه، ومن المعلوم عند كافة العقلاء أن مخالفة العالم العامد أشد من مخالفة الجاهل، فهو أولى بالعقوبة والمؤاخذة، فكيف عكس القضية في هذا التحرير، ما هذا إلا عجب عجيب من هذا الفاضل النحرير. على أنه قد صرح في غير موضع من ما تقدم في شرحه بالحاق جاهل الحكم بجاهل الأصل، لاشتراكهما في العلة الموجبة للمعذورية التي هي عدم توجه الخطاب له، للزوم تكليف الغافل، وهو من ما منعت منه الأدلة العقلية والنقلية.
وأما طعن المحقق المذكور في رواية علي بن أبي حمزة (1) بالضعف وعدم الصحة فهو عندنا لا يوصل إلى مراد فلا يتم به الإيراد. وعدم التصريح بالمسؤول وإن وقع في رواية الشيخ إلا أنه مصرح به في رواية الصدوق، وإن عبر فيها بالسهو عوض الجهل.
وأما قوله مشيرا إلى صحيحة علي بن يقطين (2): (على أنه ليس فيها أنه طواف الحج أو العمرة.. إلى آخره) ففيه أن الظاهر هنا هو طواف الحج خاصة، لقوله: (إن كان على وجه الجهالة في الحج) وقد عرفت أن طواف النساء كما تقدم بيانه خارج عن الحج، والمفروض هنا أن المتروك من أجزاء الحج. وأيضا فإن طواف الفريضة إنما يطلق غالبا على طواف الحج كما لا يخفى على من راجع الأخبار وكلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) في الباب. وبذلك يخرج أيضا طواف العمرة، وهو أظهر من أن يحتاج إلى بيان، ولا مجال لاحتمال العمرة هنا وبالجملة فالروايتان ظاهرتا الدلالة على وجوب الإعادة على الجاهل ووجوب البدنة، ولا مجال للمناقشة في ذلك إلا بارتكاب التمحلات