الحلبي وصحيحة حريز، وهذا هو الذي يوافق القواعد المقررة والضوابط المعتبرة من وجوب النية في العبادة والقصد إليها، وهو الذي دلت عليه الأخبار في مقامات العدول في الصلاة وغيرها، من وجوب نية العبادة التي يريد العدول إليها وقصدها، وما أطلق من الروايات التي ذكرها ونحوها يجب حمله على هذه الروايات المقيدة حمل المطلق على المقيد. على أن الظاهر من عبارة الدروس هو التردد لا اختيار الانقلاب بمجرد الفوات كما ذكره فإنه قال: وهل ينقلب احرامه أو يقلبه بالنية؟ الأحوط الثاني، ورواية محمد بن سنان (1): (فهي عمرة مفردة) تدل على الأول، ورواية معاوية (2) (فليجعلها عمرة) تدل على الثاني. انتهى. وظاهره التوقف من حيث تعارض الروايتين عنده، وإنما صار إلى الثاني. احتياطا لذلك.
وبالجملة فكلامهم هذا مبنى على النية الاصطلاحية التي هي عبارة عن الحديث النفسي والتصوير الفكري الذي قد عرفت في غير موضع أنه ليس هو النية حقيقة، وإلا فإنه لا يخفى على ذي دراية أن جملة أفعال العقلاء لا تصدر إلا عن القصود والنيات، سيما في مقام الاشتراك والتعدد، فلا بد من القصود المميزة، فكيف يتم أنه يأتي بالعمرة بعد تلبسه بإحرام الحج من غير أن يقصد إلى كونها عمرة؟ ما هذا إلا غفلة ظاهرة.
وثانيها: أن المشهور بين الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) أنه لا هدي على من فاته الحج تمتعا كان أو افرادا، وهذا هو ظاهر أكثر الأخبار المتقدمة، لورودها في مقام البيان عارية عن التعرض له.