وهو الاتيان بالفعل في خارج وقته، لأن الحج لا وقت له وإن وجب فورا بل المراد به مجرد الفعل. وحينئذ فإذا كانت الأدلة الدالة على وجوب الحج على المصدود الذي تحلل إنما هي الأخبار الدالة على وجوب الحج على المستطيع مطلقا - حيث إنه من جملة من يدخل تحت هذا الخطاب - فلا فرق في ذلك بين ما إذا كان الصد عن حج صحيح أو فاسد في تناول الخطاب، فإنه لما علم تعلق الخطاب بكل منهما من حيث الاستطاعة واستقراره في الذمة، فلا تبرأ الذمة إلا بالاتيان به من المكلف نفسه أو نائبه في حياته أو بعد موته. وهذا - بحمد الله تعالى - ظاهر لا سترة عليه.
هذا كله إذا تحلل قبل انكشاف العدو وضاق الوقت بعد انكشافه.
أما لو تحلل ثم انكشف العدو والوقت يسع الاتيان بالحج، فإنه لا خلاف ولا اشكال في وجوب الاتيان بالحج.
قال في المنتهى: وهو حج يقضي لسنته، وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد فيه في غير هذه المسألة. ولو ضاق الوقت قضى من قابل.
والظاهر أن مبنى كلامه (قدس سره) على ما هو المختار عنده من أن حج الاسلام هو الثاني والأول عقوبة، فإنه بعد التحلل من ذلك الحج الفاسد سقطت العقوبة، وحج العقوبة لا يقضي كما تقدم، فيستأنف عند زوال العذر حج الاسلام. والقضاء هنا بمعنى الاستئناف والتدارك. ولا يجب عليه سواه، لما عرفت من عدم جوب قضاء حج العقوبة. فهو حج يقضي لسنته في هذه الصورة خاصة من حيث اتساع الوقت له، لأنه في غير صورة الصد يجب عليه المضي في الفاسدة التي ذكرنا أن اتمامها عقوبة، فيتأخر القضاء إلى العام القابل. وفي صورة