وما ذكره (قدس سره) من الوجوب والاستحباب في الموضعين المذكورين لم أقف له على مستند، إلا أن يكون الوجه في الأول هو وجوب الكون عليه بمكة إلى أن يأتي بالحج. إلا أنه على اطلاقه ممنوع كما تقدم بيانه في محله. ولعله قد وصل إليه من الأدلة في أمثال ذلك ما لم يصل إلينا ثم قال في الدروس أيضا: ولو حلق بعض رأسه أجزأ عن التقصير، ولا تحريم فيه. ولو حلق الجميع احتمل الاجزاء لحصوله بالشروع.
وعند التقصير يحل له جميع ما يحل للمحل حتى الوقاع للنص (1) على جوازه قولا وفعلا.
أقول: ما ذكره (قدس سره) من الاحتمال المذكور ليس ببعيد، لكن ينبغي تقييده بما إذا نوى من أول الأمر التقصير خاصة ثم بعد حصول التقصير وحصول الاحلال به حلق الباقي، أما لو نوى حلق الجميع من أول الأمر فالظاهر عدم الاجزاء، لأن المفهوم من الأخبار أن العبادات صحة وبطلانا وزيادة ونقصانا تابعة للقصود والنيات، والروايات قد وردت بأن الحلق مقابل للتقصير وأحدهما غير الآخر، فإذا نوى الحلق من أول الأمر وحلق رأسه والحال أن فرضه شرعا إنما هو التقصير والحلق غير جائز له فمن المعلوم إنما أتى به غير مجزي بل موجب للكفارة كما دلت عليه الأخبار المتقدمة. وحينئذ فما ذكره شيخنا المشار إليه لا يصح على اطلاقه بل ينبغي التفصيل فيه، نظيره ما تقدم بيانه من أنه لو أن مسافرا فرضه التقصير صلى تماما فإن نوى القصر في أول دخوله في الصلاة وإنما أتمها بعد مضي صلاته المقصورة، فإنه يأتي بناء على استحباب التسليم صحة