وما رواه في الصحيح عن هشام بن سالم وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) أنه قال: (في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس لا بأس به، والتقدم من المزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس).
وعلى ذلك حملهما الشيخ (رحمه الله). ويمكن حملهما على التقية أيضا لما صرح به في المنتهي، حيث قال: قد بينا أن الوقوف بالمشعر يجب أن يكون بعد طلوع الفجر، فلا يجوز الإفاضة منه قبل طلوعه اختيارا، بل يجب الكون به بعد طلوع الفجر، وبه قال أبو حنيفة، وقال باقي الفقهاء يجوز الدفع بعد نصف الليل (2) ثم أورد الأخبار الدالة على ما اختاره.
والمفهوم من صحيحتي أبي بصير وسعيد الأعرج أن أصحاب الأعذار لا يفيضون حتى ينووا الوقوف الواجب ليلا. وفيه دلالة على أن مجرد الكون بها ليلا والمبيت لا يكفي عن الوقوف ما لم ينوه.
الرابعة - المفهوم من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) - حيث صرحوا بأن الوقوف الواجب بالمشعر من طلوع الفجر - هو أنه تجب فيه نية الوقوف من ذلك الوقت ولا يجوز تأخيرها. وبذلك صرح شيخنا الشهيد الثاني في المسالك، حيث قال بعد قول المصنف: (وأن يكون الوقوف بعد طلوع الفجر) ما لفظه: أي الوقوف الواجب، فيجب كون النية عند تحقق الطلوع. وقال في موضع آخر: وأما الوقوف المتعارف بمعنى الكون فهو واجب من أول الفجر، فلا يجوز تأخير نيته إلى أن يصلي.