المقام، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء فتلبي قبل أن تصير إلى الأبطح).
أقول: وبهذه الصحيحة الأخيرة يجمع بين الأخبار المتقدمة، بأن يقال إنه يتخير بين التلبية من المسجد وبين تأخيرها إلى هذه المواضع المذكورة في الأخبار وهو الأفضل. وأما الجهر بها فهو إذا أشرف على الأبطح. وما دلت عليه رواية عمر بن يزيد من التفصيل بين الراكب والماشي يحمل على أنه إذا اختار التلبية من المسجد وإن كان خلاف الأفضل فليعمل بهذا التفصيل.
الثامنة - المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا طواف بالبيت بعد احرام الحج. وظاهر الحسن ابن أبي عقيل استحبابه في الصورة المذكورة، حيث قال: إذا اغتسل يوم التروية وأحرم بالحج طاف بالبيت سبعة أشواط وخرج منها متوجها إلى منى، ولا يسعى بين الصفا والمروة حتى يزور البيت فيسعى بعد طواف الزيارة. قال في المختلف بعد نقل ذلك عنه: ولم يذكر باقي أصحابنا هذا الطواف، فإن قصد بذلك ما ذكره الشيخ المفيد وابن الجنيد فذلك قبل الاحرام. انتهى. أقول:
أشار بما ذكره الشيخ المفيد وابن الجنيد إلى ما قدمنا نقله عنهما في المسألة السادسة.
هذا. والمفهوم من كلام الشيخ وغيره من الأصحاب كراهة هذا الطواف، بل يفهم من كلام الشيخ تحريمه، حيث قال في النهاية والمبسوط: إذا أحرم بالحج لم يجز له أن يطوف بالبيت إلى أن يرجع من منى، فإن سها فطاف بالبيت لم ينتقض احرامه غير أنه يعقده بتجديد التلبية. واختاره ابن حمزة وقال ابن إدريس: لا ينبغي أن يطوف بالبيت إلى أن يرجع من منى،