حيث قال ﴿عليه السلام﴾ (1): وإن صد رجل عن الحج وقد أحرم فعليه الحج من قابل، ولا بأس بمواقعة النساء لأن هذا مصدود، وليس كالمحصور. وظاهر هذا الكلام ربما أشعر بعدم وجوب الهدي وأن التحلل يحصل بدونه، كما ذهب إليه ابن إدريس، إلا أن غايته أنه مطلق بالنسبة إلى ذلك، فيجب تقييده بما ذكرناه من الآية والروايات.
وأما ما ذكره أبو الصلاح - من إنفاذ المصدود هديه كالمحصور، وأنه يبقي على احرامه إلى أن يبلغ الهدي محله - فترده الأخبار المتقدمة بالفرق بينهما في ذلك، وأن المصدود ينحر هديه في موضع الصد ويتحلل. ويأتي ما يؤيدها أيضا.
وأما تفصيل ابن الجنيد في البدنة - بين إمكان إرسالها فيجب أو عدمه فينحرها في مكان الصد - ففيه أنه - مع عدم الدليل على هذا التفصيل - مخالف لا طلاق الأخبار المتقدمة.
وتنقيح البحث في المسألة يتوقف على رسم مقالات: الأولى - لو اتفق له طريق غير موضع الصد، وكانت له نفقة تقوم به، فظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب المضي عليه ولا يتحلل، وإن علم أنه لا يدرك الحج. قالوا: أما وجوب المضي عليه في الصورة المذكورة فلعدم تحقق الصد يومئذ، وأما عدم جواز التحلل على هذا التقدير وإن خشي الفوت فلأن التحلل بالهدي إنما يسوغ مع الصد والمفروض أنه ليس بمصدود. وحينئذ فيجب عليه سلوك تلك الطريق إلى أن يتحقق الفوات، فيتحلل بعمرة كما هو شأن من فاته الحج. ويقضيه في السنة الأخرى إن كان واجبا من حجة الاسلام أو نذر غير معين.