والاخر على فيل أو جمل لاشتراكهما في كل من الجنايتين فان تعمد الاصطدام كان لورثة كل منهما الدية على تركة الآخر وان لم يتعمدا بان كان الطريق مظلما أو كان أعميين أو غافلين فعلى عاقلته وان تعمده أحدهما دون الأخر فلكل حكمه وقال أبو حنيفة لورثة كل منهما جميع ديته وقال إن وقع أحدهما مستلقيا والاخر منكبا فالمكبوب هو القاتل فهو هدر فان وقعا منكبين أهدر أو على كل منهما نصف قيمة فرس الأخر بل فركوبه؟ ان كانا فارسين وتلفت بالتصادم ويتقاصان في الدية والقيمة فيرجع صاحب الفضل فيهما أوفي أحدهما بالفضل على تركة الأخر أو عاقلته وإن كانت الديتان على العاقلتين فلا تقاص ولو قصدا القتل كلاهما أو أحدهما أو الاصطدام مع كونه مما يقتل غالبا فهو عمد نفى تركة كل منهما نصف دية الآخر مغلظة وقال أبو حنيفة خطأ والدية على عاقلتهما وبعض الشافعية انه شبيه عمد بناء على أن الاصطدام لا يقتل غالبا ولو غلبتهما الديتان احتمل اهدار الهالك إذا لم يكن من عادة الدابتين ذلك أو لم يعلم به الراكبان احاله الاتلاف على الدواب لفرض انتفاء الاختيار عنهما فالجنايتان كجناية الدواب غير الصايلة إذا أرسلت في زمان يجوز فيه الارسال واحتمل الإحالة على ركوبها كما في المبسوط والشرايع وغيرهما لتسببه للجنايات فان كانا كاملين كان على عاقلة كل منهما نصف دية الآخر ولا ضمان للمركوبين وإن كان صبيين أو مجنونين أركبهما أجنبي متعدية بالاركاب فحوالة الجميع أي الجناية على الراكبين والمركوبين عليه لتعديه فقيمة المركوبين على نفسه لو لم يملكهما وجميع ديتي الراكبين على عاقلته وان أركبهما أجنبيان كذلك فعلى كل منهما وعاقلته نصف الجنايات فلا يتفاوتان في الضمان باتفاق الديتين والقيمتين واختلافهما وان أركبهما الولي لمصلحتهما فلا حوالة عليه كان له ذلك ونصف ديتهما على عاقلتهما ولا ضمان للمركوبين ولو ركبا بأنفسهما فنصف دية كل واحد من الصبيين على عاقلة الآخر كما لو اركبها الولي ومنه يظهر رداءة العبارة ولو كانا أي المتصادمان راجلين أو راكبين عبدين بالغين أو غيرهما سقطت جنايتهما لان نصيب كل واحد منهما من الجناية عليه و هو نصفها هدر لأنه جناية على نفسه والذي على صاحبه فات لفوات محله لتعلقه برقبته وقد فاتت ولو كان أحدهما عبدا والآخر حرا فلا شئ لمولاه ولا عليه إما الثاني فلتعلق جنايته برقبته وقد فاتت واما الأول فلانه كما جنى عليه الحر جنى هو على الحر فيتقاصان وان زاد نصف قيمة على نصف دية الحر إذ لا عبرة بالزيادة عندنا ولو مات أحد المتصادمين فعلي الباقي أو عاقلته نصف ديته وعن موسى بن إبراهيم المروزي عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام في فارسين اصطدما فمات أحدهما فضمن الباقي دية الميت وهو مع التسليم يحتمل ضعف صدمه الميت بحيث علم أنه لا مدخل لها في موته ولو تصادم حاملان فماتتا مع جنينيهما فعلى كل واحدة أو عاقلتها نصف دية الأخرى (ونصف دية جنينها ونصف دية جنين الأخرى صح) وهدر نصفها وان لم يعلم ذكورة الجنين وأنوثته فربع دية الذكر وربع دية الأنثى والكل واضح ولو صدم انسانا لم يصدمه فمات فديته في مال الصادم أو عاقلته وان تعمد القتل به أو تعمد الصدام (وكان مما يقتل غالبا فعليه القصاص مع التكافؤ وللعامة قول بأن الدية على عاقلته مطلقا ولو مات الصادم فهدر تعمد الصدم صح) لا إن كان المصدوم غير متعد في وقوفه أو جلوسه بان كان في ملكه أو مباح أو طريق واسع أو كان يمشي في الطريق وإن كان ضيقا ولو كان في طريق ضيق والمصدوم واقف أو جالس من غير ضرورة قيل في المبسوط يضمن المصدوم لأنه فرط بوقوفه فهو سبب للتلف والمباشر ضعيف ويحتمل الاهدار لان الصدم من فعل الصادم والوقوف من مرافق المشي وفيه ان الكلام في الوقوف الغير السايغ وهو كوضع حجر في الطريق يتعثر به فيتلف ولو قصد الصادم الصدم فدمه هدر قطعا وعليه دية المصدوم ان تلف أو القصاص ان تعمد القتل أو كان الصدم قاتلا غالبا ولو اصطدمت سفينتان فهلك ما فيهما من المال أو النفس فالسفينتان كالدابة والملاح كالراكب وغلبة الريح أو الماء كغلبة الدابة فان كانا أي الملاحان كاملين مالكين للسفينتين وما فيهما من مال وقصدا الاتلاف أو التصادم وعلما التلف معه غالبا أو لم يعلماه وكان كذلك فعلى كل منهما القصاص لورثة كل قتيل وعلى كل واحد منهما نصف قيمته سفينة صاحبه ونصف ما فيها من المال ونصف دية صاحبه ان تلفا وان لم يقصدا التصادم لكن فرطا بان كان يمكنهما الصرف عن السمت أو الحبس فلم يفعلا أو أجرياهما مع هبوب الريح أو طغيان الماء أو قصده أو لم يعلما انه يؤدي إلى التلف ولم يكن كذلك غالبا أو علما بعد الارسال وقصد التصادم الأداء إلى التلف لكن تعذر عليهما الضبط لخلل في الآلات وقلة في الرجال فالحكم ما تقدم من ضمان الأنفس ونصف قيمة السفينتين وما فيهما الا في القصاص لعدم التعمد ويجب عليهما الدية عوضه لكل واحد من الأنفس التالفة دية كاملة موزعة عليهما مع قصدهما التصادم وعلى عاقلتهما بدونه ولو لم يكونا مالكين للسفينتين ولا لما فيهما بل مستأجرين أو غاصبين لهما أو أجيرين لمالكيهما أو غير ذلك ضمن كل منهما نصف السفينتين وما فيهما وإن كان الملاحان صغيرين أو مجنونين فان أجريا السفينة بأنفسهما لم يكن عليهما ضمان المال وعلى عاقلتهما ضمان النفوس وكذا ان أركبهما الولي لمصلحتهما وان أركبهما الأجنبي ووكل إليهما السفينتين فالضمان عليه وعلى عاقلته كما مر ولو لم يتعمد أو لم يفرطا بأن غلبتهما الرياح فلا ضمان كما لو غلبتهما دابتاهما وهنا أقوى لان ضبط الدابة أسهل من امساك السفينة في البحر إذا هاج وللشافعي قولان ويحتمل ضمان عاقلتيهما ما تلف من الأنفس لأنهما تسببا لتلفها كما احتمل في راكبي دابتين ولو اختلف حالهما أن كان أحدهما عاملا أو مفرطا بخلاف الأخر لم يتغير حكم كل واحد منهما باختلاف حال صاحبه بل لكل منهما حكمه ولو وقعت سفينة على أخرى واقفة أو سايرة لم يضمن صاحب الأخرى شيئا من السفينتين وما فيهما الا مع اختصاصه بالتفريط بأن اتفق هيجان البحر فلم يمكن صاحب الواقعة (ضبطها وعلم صاحب الأخرى توجهها وأمكنه دفعها والصرف عن جهتها فلم يفعل وضمن صاحب الواقعة صح) مع التفريط أو التعدي وان فرط صاحب الأخرى أيضا ولو اصطدم الحمالان فأتلفا ما حملاه (إذا تلف أحدهما فعلى كل منهما نصف قيمة ما تلف من صاحبه ولو صدم أحدهما الأخر فتلف ما حملاه صح) ضمن الجميع ولو أصلح سفينة وهي سايرة أو ابدل لوحا فغرقت بفعله مثل ان سمر مسمارا فقطع لوحا أو أراد سد فرجه فانهتكت فغرقت بذلك فهو ضامن في ماله ما يتلف من مال أو نفس لأنه شبيه عمد وان خرقها عمدا في لجة البحر فغرقت فعليه القصاص لما غرق من الأنفس لأنه تعمد لاتلافها وان خرقها خطأ محضا كأن كان في يده فاس أو حجر فسقط فيها فانحرقت فغرق من فيها كانت ديته على عاقلته ولو تجازيا حبلا وتساويا في اليد بان كان ملكهما أو غصباه فانقطع فوقعا وماتا فعلى كل واحد أو عاقلته نصف دية صاحبه لتلفه بجنايتين جناية نفسه وجناية الأخر كالمتصادمين وقعا منكبين أو مستلقيين أو بالتفريق وقال أبو حنيفة ان وقعا منكبين فكذلك والا فكل من وقع مستلقيا فذلك من جناية نفسه لا ضمان على الأخر ولو تلف أحدهما كان على الآخر أو عاقلته ضمان نصف ديته ولو جذبه أحدهما فتلف الآخر كان عليه أو على عاقلته جميع دية التالف ومع تعمد القتل أو إذا الجذب إليه عادة فعلى المتلف القصاص ولو كان أحدهما مالكا والاخر غاصبا فالغاصب هدر لتعديه وعليه ضمان المالك كله لأنه لم يجن على نفسه وانما أراد استنقاذ ماله من الغصاب ولو قطعه ثالث عند تجازيهما فوقعا ضمنهما في ماله أو على عاقلته مطلقا مالكين كانا أو غاصبين أو مختلفين وان تعدى الغاصب بالامساك والجذب فان المباشر هو القاطع ولو رمى جماعة بالمنجنيق فقتل الحجر أجنبيا فان قصدوا قتله أو رميه القاتل غالبا فهو عمد يجب به القصاص من الجميع وقال أبو حنيفة انه خطأ والشافعي انه عمد الخطأ بناء على أنه لا يمكن قصد رجل بعينه بالقتل غالبا بل يتفق وقوعه عليه والا فهو خطأ أو عمد خطأ والضمان يتعلق بجاذب الحبال لأنه المباشر لا بصاحب المنجنيق ولا بواضع الحجر في المقلاع فإنه كمن وضع السهم في القوس فنزعه آخر ولا بمسك الخشب و لا بمن يساعد بغير المد ولو عاد الحجر عليهم فقتل واحدا منهم فهو شريك في قتل نفسه فان كانوا ثلاثة مثلا فعلى عاقلة كل واحد ثلث الدية ويسقط ما قابل فعله ولو هلكوا
(٤٩٢)