ما لم يعارض مباشر قوي كان القى فيها غيره نفسا أو مالا ولو قصد بالاشعال اتلاف النفس فهو عمد يجب به القصاص مع التكافؤ ان لم يعارضه مباشر قوي ومنه عدم الفرار مع الامكان كما قضى أمير المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني في رجل اقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت واحترق متاعهم قال يغرم قيمة الدار وما فيها ثم يقتل وفي النهاية كان ضامنا لجميع ما تتلفه النار من النفوس والأثاث والأمتعة وغير ذلك ثم يجب عليه بعد ذلك القتل ونحوه في المهذب ولعلهما أرادا بالنفوس ما لا يكافئه من الحيوانات أو الاناسي ويحتمل بعيدا أن يريدا بقولهما ثم يجب عليه بعد ذلك القتل قودا من ضمان النفوس صرح به دون الضمان بالدية أو القيمة لأنه اخفى وأحق بالتنصيص قال المحقق في النكت ولا يلزم من قوله ثم يجب عليه بعد ذلك القتل أن يكون ضمان النفوس شيئا غير ذلك قال ولا يجب مع سلامة الأنفس القتل لكن ان اعتاد ذلك قصدا للفساد ورأي الامام قتله حسما لفساده لم استبعده وحمل في المخ؟ كلام النهاية عليه ولو وضع صبيا في مسبعة فافترسه سبع ضمن للتسبيب مع ضعف المباشر بخلاف الكامل المتمكن من الفرار والشافعية قول بعدم الضمان مطلقا ولو اتبع انسانا بسيفه فولى هاربا فالقى نفسه في بئر أو فار أو نحوهما أو رمى نفسه من سطح فتلف نفسه أو طرف منه فان الجاه إلى ذلك أي الالقاء والرمي أو إلى الهرب ضمن إما إذا الجاه إلى الالقاء أو الرمي فلا شبهة في الضمان واما إذا لجاه إلى الهرب ففي المبسوط انه لا ضمان عليه لأنه الجاه إلى الهرب وما الجاه إلى الوقوع بل ألقاه نفسه في مهلكة باختياره فالطالب صاحب سبب والواقع مباشر ومتى اجتمع مباشر وسبب غير ملجئ فلا ضمان على صاحب السبب كالحافر والدافع فان الضمان على الدافع دون الحافر قال في التحرير ولو قيل بالضمان كان وجها وقد تقدم الكلام فيه والا يكن الجاء فلا ضمان وكذا يضمن لو كان أعمى أو كان ليلا مظلما أو كانت البئر مغطاة لضعف المباشرة حينئذ وكون السبب ملجئا إلى الوقوع بالنسبة إليهم وظاهر العبارة يعطي إرادة الالجاء إلى الوقوع في العبارة السابقة ولو غدا في هربه على سقف فانخسف به ضمن لعدم اختياره في الانخساف فالسبب يلجئ له إليه ولو تعرض له في طريقه سبع فافترسه لم يضمن وقد مر احتماله الضمان في التحرير الا أن يلجئه إلى مضيق فيه سبع لجريان العادة بافتراسه في المضيق وعدم امكان الفرار عادة فهو كمن ربط يديه ورجليه وألقاه إلى السبع ولو قام في الطريق المسلوك لا لضرورة فتعثر به انسان فمات أو أتلف منه طرف أو متاع ضمن للتعدي وعموم صحيحي الكنائي والحلبي ولو مات النايم فلا ضمان على المتعثر إذا لم يعلم به لعدم التعدي فان وضع الطريق للسلوك ولا اعرف فارقا بينه وبين النايم إذا انقلب على من أتلفه فالظاهر أنه مثله في ضمانه أو ضمان عاقلته كما سنذكره عن المبسوط في المتعثر بالقاعد فيها ولو نام في المسجد معتكفا فيعثر به انسان فلا ضمان عليه لان المعتكف لا ينام الا في المسجد وغيره أي غير المعتكف فيه اشكال من جواز النوم في المساجد والفرق بينه وبين النايم المتلف بانقلابه ان التلف هناك بفعله الذي هو انقلابه وهنا بفعل التالف وهو تعثره ومن انها وضعت للعبادة كالطريق المسلوك وجواز النوم مشروط بعدم الاضرار ولو خوف الامام من ارتكب محرما فمات مثلا فلا ضمان كما لو مات بالحد أو سراية القصاص لأنه تخويف بحق نعم لو أخطأ بان كان مريضا لا يحتمل مثله احتمل الضمان في بيت المال كما تقدم فيما أخطأت القضاة ولو خوف حبلى فأسقطت ضمن دية الجنين كما تقدم من قصة عمر لان التخويف ليس بحق بالنسبة إلى الجنين ويجب حفظ الدابة السايلة كالبعير المغثلم والكلب العقور والهرة الضاربة إذا اقتناهما لا إذا حصلا عنده من غير اقتتا فان أهمل الحفظ فأتلفت نفسا أو ظرفا أو متاعا ضمن إذا علم حالها كما في خبر علي بن جعفر عليه السلام سأل أخاه عليه السلام عن بختى اغتلم فقتل رجلا ما على صاحبه قال عليه الدية وحسن الحلبي وصحيحه انه سأل الصادق عليه السلام عن بختى اغتلم فقتل رجلا فجاء أخوا الرجل فضرب الفحل بالسيف فعقره فقال عليه السلام صاحب البختي ضامن للدية ويقبض ثمن بخيته واما قوله عليه السلام العجماء جبار فمخصوص بغير الصايلة أو غير المملوكة أو التي لم يفرط في حفظها أو التي فرط التالف بالتعرض لها واما قول الصادق عليه السلام في مرسل يونس بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا ما دامت مرسلة فيحتمل كون الارسال بمعنى أن لا يكون صايلة أو مجهولة الحال وكون المعنى ما دام من شأنها الارسال بأن لا يكون صايلة وكون لا يغرم (من باب الافعال أو التفعيل أي لا يغرم صح) من جنى عليها للدفع شيئا وكذا لو جنت عليها دابة أخرى ولو جهل حالها أو علم ولم يفرط في الحفظ فلا ضمان لما تتلفه لان العجماء جبار وفي خبر مسمع عن الصادق عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا صال الفحل أول مرة لم يضمن صاحبه فإذا ثنى ضمن صاحبه ولو جنى على الصايلة جاز لم يضمن إن كان الجناية للدفع عن نفسه أو نفس محترمة أو مال محترم ولم يندفع الا بها كما مر والا ضمن كما مر آنفا في حسن الحلبي وصحيحه وفي النهاية فإن كان الذي جنى عليه البعير ضرب البعير فقتله أو جرحه كان عليه بمقدار ما جنى عليه مما ينقص من ثمنه يطرح من دية ما كان جنى عليه البعير قال ابن إدريس هذا غير واضح والذي يقتضيه أصول مذهبنا انه لا ضمان عليه بضرب البعير لأنه بفعله محسن وقد قال تعالى ما على المحسنين من سبيل قلت ويمكن أن يزيد ضربه بعد الجناية لا لدفع أو مع اندفاعه بدونه ويضمن جناية الهرة المملوكة مع الضراوة المعلومة له والتفريط في حفظها وفاقا للشيخ وابن حمزة وتردد فيه المحقق والمص؟ في التحرير من أن العادة لم تجر بربطها وللعامة في ضمانها أربعة أوجه الضمان مطلقا وعدمه مطلقا والضمان بالليل دون النهار لان انتشارها بالليل غالبا فينبغي الاحتياط بربطها والعكس لقضاء العادة بحفظ ما يقصده الهرة بالليل ولعله الأشبه في أنه يجوز قتلها كساير الموزيات ومن العامة من لم يجزه لعروض ضراوتها وسهولة التحرز عن شرها ولو هجمت دابة على أخرى ضمن صاحب الداخلة جنايتها ان فرط في حفظها ولا يضمن صاحب المدخول عليها لو جنت على الداخلة إذ لا تفريط وقد روى عن أبي جعفر عليه السلام ان ثورا قتل حمارا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع إليه وهو في ناس من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر فقال يا أبا بكر اقض بينهم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله بهيمة قتلت بهيمة ما عليها شئ فقال يا عمر اقض بينهم فقال مثل قول أبي بكر فقال يا علي اقض بينهم فقال نعم يا رسول الله إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن صاحب الثور وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله يده إلى السماء فقال الحمد الله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيين ولو دخل دار قوم باذنهم فعقره كلبهم ضمنوا لتفريطهم وللاجماع كما يظهر من المبسوط وان دخل بغير اذن فلا ضمان لتعديه كما لو دخل فوقع في بئر وقد مضت على الحكمين اخبار وللعامة قول بالضمان مطلقا ولو اختلفا في الاذن قدم قول منكره لأصلي عدمه والبراءة وراكب الدابة يضمن ما تجنيه بيديها ورأسها لأنها قدامه لا ما يجنيه برجليها لأنهما خلفه وقد نطقت بذلك الاخبار في يديها والحق بهما رأسها في المبسوط لمساواته لهما في التمكن من الحفظ ويرشد إليه ما في الاخبار من تعليل عدم ضمان ما يجيئه برجلها بأنها خلفه واحتمل المحقق العدم لأصل البراءة وعموم العجما جبار وخروجه عن نصوص الضمان ثم إن ذلك مبني على المعتاد في الركوب فلو ركب ووجهه خلف الدابة كان كالسابق في ضمان ما تجنيه برجليها وهل يضمن ما تجنيه بمقاديمها ان لم يضطر إلى الركوب كذلك يحتمله للتفريط وعموم النص والفتوى ثم إنه انما يضمن ما تجنيه مباشرة لا تسبيبا كما لو أصاب شئ من موقع السنائك عين انسان وابطلها أو أبطل ضوئها أو أتلفت برشاش ماء خاصة على اشكال من صدق الجناية فيعمه النص والفتوى
(٤٨٨)