عليه الوفاء عرفا، وأعلى منه مرتبة الإقامة بالمكان حتى يوأس من رجوع الصديق إليه عادة بمجئ الليل ونحوه فيقيد به إطلاق الوعد، وأعلى منه مرتبة الأخذ بإطلاق القول والإقامة حتى يرجع وإن طال الزمان، فالنفوس القوية التي تراقب قولها وفعلها لا تلقي من القول إلا ما في وسعها أن تصدقه بالفعل، ثم إذا لفظت لم يصرفها عن إتمام الكلمة وإنفاذ العزيمة أي صارف.
وفي الرواية أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعد بعض أصحابه بمكة أن ينتظره عند الكعبة حتى يرجع إليه، فمضى الرجل لشأنه ونسي الأمر، فبقي (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام هناك ينتظره، فاطلع بعض الناس عليه فأخبر الرجل بذلك فجاء واعتذر إليه، وهذا مقام الصديقين لا يقولون إلا ما يفعلون (1).