وكان لما أخرجاهم إلى خارج أنه قال:
اهرب لحياتك، لا تنظر إلى ورائك ولا تقف في كل الدائرة. اهرب إلى الجبل لئلا تهلك، فقال لهما لوط: لا يا سيد هو ذا عبدك قد وجد نعمة في عينيك وعظمت لطفك الذي صنعت إلي باستبقاء نفسي، وأنا لا أقدر أن أهرب إلى الجبل لعل الشر يدركني فأموت، هو ذا المدينة هذه قريبة للهرب إليها، وهي صغيرة أهرب إلى هناك أليست هي صغيره فتحيا نفسي، فقال له:
إني قد رفعت وجهك في هذا الأمر أيضا أن لا أقلب المدينة التي تكلمت عنها، أسرع اهرب إلى هناك لأني لا أستطيع أن أفعل شيئا حتى تجئ إلى هناك، لذلك دعي اسم المدينة صوغر.
وإذا أشرقت الشمس على الأرض دخل لوط إلى صوغر فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء، وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض، ونظرت امرأته من ورائه فصارت عمود ملح.
وبكر إبراهيم في الغد إلى المكان الذي وقف فيه أمام الرب وتطلع نحو سدوم وعمورة ونحو كل أرض الدائرة، ونظر وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون. وحدث لما أخرب الله مدن الدائرة أن الله ذكر إبراهيم. وأرسل لوطا من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط.
وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر، فسكن في المغارة هو وابنتاه، وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض، هلم نسقي أبانا خمرا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلا، فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة: إني قد اضطجعت البارحة مع أبي، نسقيه خمرا الليلة أيضا فادخلي اضطجعي معه فنحيي من أبينا نسلا. فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا، وقامت الصغيرة واضطجعت معه. ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. فحبلت ابنتا لوط من أبيهما، فولدت البكر ابنا ودعت اسمه موآب وهو أبو الموآبيين إلى اليوم، والصغيرة أيضا ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي وهو أبو بني عمون إلى اليوم. انتهى.
هذا ما قصته التوراة في لوط وقومه نقلناه على طوله ليتضح به ما تخالف القرآن الكريم من وجه القصة ومن وجوه غيرها.
ففيها كون الملك المرسل للبشرى والعذاب ملكين اثنين، وقد عبر القرآن بالرسل بلفظ الجمع وأقله ثلاثة.
وفيها أن أضياف إبراهيم أكلوا مما صنعه وقدمه إليهم، والقرآن ينفي ذلك ويقص أن إبراهيم خاف إذ رأى أن أيديهم لا تصل إليه.
وفيها إثبات بنتين للوط، والقرآن يعبر بلفظ البنات. وفيها كيفية إخراج الملائكة لوطا وكيفية تعذيب القوم وصيرورة المرأة عمودا من ملح وغير ذلك.