واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا! ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه يرى أن الفضل له على من سواه لصحبته، فإن الفضل النير غدا عند الله، وثوابه وأجره على الله. وأيما رجل استجاب لله وللرسول، فصدق ملتنا، ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده.
فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد على أحد، وللمتقين عند الله غدا أحسن الجزاء وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين أجرا ولا ثوابا وما عند الله خير للأبرار (1).
- الإمام علي (عليه السلام): أما هذا الفئ فليس لأحد على أحد فيه أثرة وقد فرغ الله من قسمته، فهو مال الله وأنتم عباد الله المسلمون (2).
- عنه (عليه السلام) - من كتاب له إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وهو عامله على أردشير خرة -: ألا وإن حق من قبلك وقبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفئ سواء، يردون عندي عليه ويصدرون عنه (3).
- عنه (عليه السلام) - لما عوتب على التسوية في العطاء -: أتأمروني (أتأمرونني) أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟! والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما! لو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله! (4).
- عنه (عليه السلام) - وقام خطيبا بالمدينة حين ولي الخلافة -: يا معشر المهاجرين والأنصار!
يا معشر قريش! اعلموا - والله - أني أرزؤكم من فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب، أفتروني مانعا نفسي وولدي ومعطيكم؟! ولأسوين بين الأسود والأحمر.
فقام إليه (أخوه) عقيل بن أبي طالب فقال:
لتجعلني وأسودا من سودان المدينة واحدا؟!
فقال له: اجلس رحمك الله تعالى، أما كان ههنا من يتكلم غيرك؟ وما فضلك عليهم إلا بسابقة أو تقوى!! (5).
- بعث أسامة بن زيد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام):
أن ابعث علي بعطائي، فوالله لتعلم أنك لو كنت في فم أسد لدخلت معك، فكتب (عليه السلام) إليه: إن هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن هذا مالي بالمدينة فأصب منه ما شئت (6).
- الإمام علي (عليه السلام) - لعبد الله بن زمعة لما طلب منه مالا في خلافته -: إن هذا المال ليس لي ولا لك، وإنما هو فئ للمسلمين وجلب (حلب) أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل