حينئذ إشكال ينشأ من تبعية الأفعال للقصود والدواعي، فإن قلنا بالإجزاء فلا وضوء حينئذ، وإن قلنا بعدمه فمع الوضوء هل يرتفع أم لا؟ فيه نظر ينشأ من عموم الإذن في الدخول في الصلاة من الاغتسال من الحيض والنفاس والوضوء، وذلك يستلزم رفع كل حدث، ومن كون الغسل الأول لم يقع عن الجنابة، والوضوء ليس بواقع لها، فنحن في هذا من المتوقفين.
وأيضا: فإن غسل الجنابة قد اشتمل على نوع من التمام والكمال لم يشتمل عليه غيره، بحيث صار متحملا لقوة رفع الحدث بإنفراده، ولا يلزم من نية الفعل الضعيف حصول القوي، وعلى هذا البحث فلا بد من نية التعين. أما لو نوى به غسلا مطلقا، لم يجز عن واحد من الجنابة ولا من الجمعة. ولو اغتسل ونوى به غسل الجنابة دون غسل الجمعة أجزأ، عن الجنابة خاصة. وهو أحد قولي الشافعي (١). وقال الشيخ (٢): يجزي عنهما، وبه قال أبو حنيفة، وهو القول الآخر للشافعي (٣).
لنا: قوله تعالى ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ (4) وهو لم يفعل إلا غسل الجنابة، ضرورة تبعية الفعل للقصد لقوله عليه السلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) (5).
ولو نوى غسل الجمعة دون الجنابة، قال الشيخ: لا يجزئه عن واحد منهما (6).