اعلم أن الغسل على ضربين، واجب، وندب:
فالواجب ستة: غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومس الأموات بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل، وغسل الموتى، فها هنا فصول:
الأول: في الجنابة، وقد اتفق علماء الأمصار على أن الجنابة سبب موجب للغسل والقرآن دل عليه، قال الله تعالى: ﴿وإن كنتم جنبا فاطهروا﴾ (1).
والكلام ها هنا يقع على ثلاثة مباحث: الموجب للجنابة، وكيفية الغسل المزيل لها، وأحكام الجنب.
الأول: البحث في الموجب:
وهي تكون تارة بسبب إنزال المني وهو الماء الغليظ الدافق غالبا، يخرج عند اشتداد الشهوة، يشبه رائحته رطبا رائحة الطلع، ويابسا رائحة البيض، وسمي منيا لأنه يمنى، أي يراق، ولهذا سميت منى منى، لإراقة الدماء بها. ومنى المرأة رقيق أصفر وعليه إجماع أهل الإسلام. وروى مسلم في صحيحه أن أم سليم (2) حدثت أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال رسول