والمغرب والعشاء تمسح بناصيتها) (1).
احتج أبو حنيفة بأن المسح أمر مقصود، والأمر به أمر باستعمال الآلة التي هي اليد، فكأنها مذكورة دلالة، والاقتضاء لا عموم له، فيثبت (2) بقدر ما يدفع به الضرورة وهو الأدنى، وثلاث أصابع اليد أدنى الآلة، لأنه يقوم مقام كل اليد، لأنه أكثر اليد إلا أنه دون كله، فيصير مأمورا باستعمال هذا القدر ضرورة (3).
والجواب: لا نسلم أن الآلة هي اليد بل بعضها، سلمنا، لكن لا نسلم أن أدنى اليد ثلاث أصابع، وكيف يصح منه ذلك ومن مذهبه أنه لو مسح بأصبع واحدة ثلاث مرات باستئناف ماء مقدار ثلاث أصابع أجزأه، فليس المعتبر حينئذ الآلة بل قدر الممسوح، فسقط ما قال بالكلية.
الثاني: القائلون بالاكتفاء بالأقل اختلفوا، فذهب قوم إلى أن القدر الزائد عليه يوصف بالوجوب، والمحققون منعوا من ذلك، فإن الواجب هو الذي لا يجوز تركه، وهذه الزيادة يجوز تركها، فلا تكون واجبة.
الثالث: المسح عندنا مختص بالمقدم، خلافا للجمهور (4).
لنا: ما رواه من حديث المغيرة بن شعبة وعثمان في اختصاص مسح رسول الله صلى الله عليه وآله بالمقدم (5).
ومن طريق الخاصة: ما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (مسح الرأس على مقدمه) (6).