توهمت الأمر فيما ليس أمرا، ولو سلم عن ذلك يحمل على الاستحباب.
الفصل الرابع: في النفاس وهو دم يقذفه الرحم عقيب الولادة، يقال: نفست المرأة ونفست بضم النون وفتحها وفي الحيض بالفتح لا غير. وهو مأخوذ إما من النفس وهي الدم لغة، أو من تنفس الرحم بالدم.
مسألة: ولا يكون نفاس إلا مع الدم، سواء ولدته تاما أو ناقصا. وهو قول أحمد في إحدى الروايتين (1)، وأحد قولي الشافعي. وفي القول الآخر: يجب عليها الغسل (2) (3). وهو قول أحمد في إحدى الروايتين (4) وذلك على الاختلاف بين زفر وأبي يوسف في وجوب الاغتسال عليها، فأوجبه أحدهما (5) دون الآخر.
لنا: إن النفاس هو الدم المخصوص ولم يوجد، ولأن الأصل براءة الذمة من وجوب الغسل، واستباحة الأفعال الممنوعة منها النفساء، فالقول بوجوب الغسل إبطال للأصل من غير دليل. ولأن الوجوب حكم شرعي، ولم يرد بالغسل هاهنا النص ولا معناه، فإنه ليس بدم ولا مني، وإنما ورد الشرع بالإيجاب بهذين الشيئين.
احتجوا بأن الولادة مظنة النفاس الموجب، فقامت مقامه في الإيجاب، كالتقاء الختانين، ولأن استبراء الرحم يحصل بها كالحيض، فيثبت فيها حكمه، ولأن الولد خلق من المني، وخروج المني يوجب الغسل.