البحث الثالث: في بقية الكلام في ذات العادة المختلفة، والتفريع عليه مسألة: الانتقال، على ضربين: انتقال عدد، وانتقال مكان. وانتقال العدد:
أن ترى زيادة على أيام عادتها المستقرة، كما لو كانت عادتها ثلاثة أيام في كل شهر، فرأت في شهر زائدا على ذلك، وإن لم يتجاوز فهو حيض بأجمعه، وإن تجاوز الأكثر تحيضت بالعادة، والحكمان ظاهران، فإذا لم يتجاوز، بأن رأته خمسة مثلا، هل انتقلت عادتها بذلك أم لا؟ فالحق عندي: أنها لم تنتقل بذلك إلا مع التكرار مرة أخرى. وبه قال أبو حنيفة (1) ومحمد (2). وقال أبو يوسف: أنها تنتقل عن العادة بالمرة الواحدة (3).
لنا: إن العادة مشتقة من العود، فما لم يعد لا يكون عادة. وتحقيقه: أن العادة المتقدمة دليل على أيامها التي اعتادت، فلا يبطل حكم هذا الدليل إلا بدليل مثله، وهي العادة بخلافه.
احتج أبو يوسف بأن عادة الطهر الأصلي كما في المبتدئة ينتقل برؤية الدم ابتداءا، فكذا غيرها (4).
والجواب عن وجهين:
الأول: المنع من ثبوت الحكم في الأصل، إذ هو بناءا على الاكتفاء بمرة واحدة في العادة وقد بينا بطلانه وهذا إنما يلزم من يقول: تكتفي بالمرة، كأبي حنيفة (5)، والشافعي (6)، ومحمد.