قال الله تعالى: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾ (١) (٢) وهم كانوا فصحاء العرب ففهمهم للترتيب يدل عليه. على أن ابن عباس أجابهم عن ذلك، فقال: كما قدمتم الدين على الوصية، والله تعالى قدم الوصية على الدين، فقال: ﴿من بعد وصية يوصي بها أو دين﴾ (3) وهذا اعتراف من ابن عباس بأن تقديم الحج يقتضي تقديم فعله، وإنما عدل لدلالة، كما عدل في الوصية، لأنه لو لم يذهب إلى اقتضاء الترتيب، لما جاز منه ذلك، ولقال: الواو لا تقتضي الترتيب.
الرابع: إن الفراء (4) وأبا عبيدة بن سلام نصا على أنها تفيد الترتيب، فلو لم يكن كذلك، لما جاز هذا النص منهما، وقولهما مقدم على من نص على أنها ليست للترتيب، لتقدم الإثبات في الشهادة على النفي.
الخامس: لو قال لغير المدخول بها: أنت طالق وطالق، طلقت واحدة، ولو قال طلقتين طلقت اثنتين، ولو كانت الواو تفيد الجمع لم يبق فرق.
السادس: إن الترتيب في اللفظ يستدعي سببا، والترتيب في الوجود صالح له، فوجب جعله سببا له، إلى أن يقيم الخصم المعارض.
السابع: إن الترتيب مع التعقيب وضع له لفظ، ومع التراخي آخر، ومطلق الترتيب معقول لا بد له من لفظ، وليس إلا الواو.
لا يقال: الجمع المطلق معنى معقول، ولا لفظ يدل عليه إلا الواو.