إنما الكلام ههنا في جهات - بعد اندفاع الاشكال على صحة الاسقاط بأن دليل الخيار ههنا وهو قاعدة نفي الضرر لا يتكفل اثبات حق ههنا كسائر الحقوق القابلة للاسقاط، فإنه يندفع بالاجماع على أن الجواز ههنا ليس من الأحكام كالجواز في الهبة كي لا يقبل الاسقاط بل هو من الحقوق ولا خلاف في ذلك أصلا أي شئ كان مفاد قاعدة نفي الضرر -.
الجهة الأولى: لا اشكال في صحة الاسقاط بلا عوض - مع العلم بالغبن - لو أسقطه مع العلم بمرتبة الغبن أو مع الجهل بها لكن أسقطه على أي تقدير يكون الغبن فاحشا كان أو أفحش.
وإنما الاشكال لو أسقطه باعتقاد أن التفاوت عشرة مثلا فظهر أنه مائة، فهل يتحقق السقوط أو لا؟
ذكر الشيخ (قدس سره) أن في ذلك وجهين:
أحدهما: عدم السقوط لأجل عدم طيب نفسه بسقوط المقدار الخاص من الحق وإنما طابت نفسه بسقوط ما دونه.
وبعبارة أخرى: ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد، فهو نظير ما لو أسقط حق عرض معتقدا أنه شتم لا يبلغ القذف فتبين أنه قذف، فإنه لا يسقط حق القذف بذلك.
والآخر: هو السقوط لأجل أن حق الخيار حق واحد ناشئ عن التفاوت الذي لا يتسامح فيه، ولا يتعدد بتعدد مقدار التفاوت ولا يتنوع بذلك فيسقط بمجرد الاسقاط. وقياسه بالقذف والشتم قياس مع الفارق، لأن حق القذف غير حق ما دونه من الشتم فإنهما حقان مختلفان.
وقد يورد على الشيخ (قدس سره): بأن ما أفاده (قدس سره) لا يعلم تحقيقا للمسألة وبيانا للوجهين، إذ لا فرق بين تعدد نوع الحق وعدمه، لأن خيار الغبن له أفراد متعددة بتعدد مقادير التفاوت الذي لا يتسامح به - الذي هو الجامع بينها - فكل فرد غير الآخر، فإذا أسقط أحدها لا يكون اسقاطا للآخر كما أن اسقاط أحد نوعي الخيار