فعلى الأول، لا يكون افتراقهما كاشفا نوعا عن الرضا.
وعلى الثاني، كان الكاشف نوعا عن الرضا نفس عدم فسخهما قبل الافتراق لا نفس الافتراق.
وجميع هذه الوجوه مردودة:
أما الأول: فلأن كون القيد غالبيا لا يوجب كونه واردا مورد الغالب لأن الأصل في كل قيد - ولو كان غالبيا - هو الاحترازية، ولا يحمل على غيرها إلا بموجب.
وأما التصريح به في مفهوم المطلق فلا يكون دليلا على المدعى، إذ بعد أن كان الكلام متصلا كان ذلك موجبا لتقييد الاطلاق ولا ينعقد للمطلق ظهور إطلاقي قبل تمامية الكلام، فإذا ورد ما يستلزم تقييده - كما فيما نحن فيه - كان مقيدا لا مطلقا.
وأما الثاني: فلأن مثل هذا التعبير يعبر به في موارد ثلاثة:
أحدها: ما إذا كان الأثر يترتب على الواقع وقد لوحظ الشئ طريقا إليه، كما إذا بدرت من شخص بادرة تدل على أنه يضمر العداء والبغض لصديقه فيقول: لا صداقة بيننا بعد هذا البغض والعداء، فإن نفي الصداقة يترتب على واقع العداء والبغض.
ثانيها: ما إذا كان الأثر يترتب على الشئ الكاشف عن غيره بما هو هو بلا ملاحظة جهة طريقيته لغيره، كما إذا صدرت من أحد كلمة كانت إهانة لصديقه وهتكا له. فإنه يقال إنه لا صداقة بعد هذا الهتك، فإن نفي الصداقة مما يترتب على صدور الهتك وهو عنوان نفس الفعل.
ثالثها: ما إذا كان الأثر يترتب على الشئ لا بما هو طريق إلى الواقع ولا بما هو هو بل عليه ولكن بملاحظة كشفه النوعي عن غيره، كما إذا صدر من أحد ما يكون كاشفا نوعا عن المحبة فيقال: إنه لا بد من مجاملته بعد هذه المحبة في حقنا، في الوقت الذي لا يكون محبا في واقعه، لأن المجاملة إنما تترتب على ما يكون كاشفا نوعا عن المحبة لا على المحبة نفسها.