موارد الاتلاف بين ما إذا كان اختياريا أو لم يكن بالاختيار أو كان اختياريا غير تام الاختيار، كما في صورة الاكراه، ومثله الحال في ترتب النجاسة على الملاقاة فإنه لا فرق في ترتبها بين تحقق الملاقاة اختيارا أو بغير اختيار.
وقد وقع الكلام في توجيه ذلك ومعرفة السر في عدم تحكيم حديث رفع الاكراه.
وقد تكلم كل منهم في ذلك بكلام.
وذكر بعضهم: أن السر فيه هو أن حديث الرفع إنما يجري في مورد يكون الموضوع مقتضيا للحكم لا علة تامة له. والاتلاف بالنسبة إلى الضمان من قبيل الثاني، فلا يجري فيه حديث الرفع.
وذهب المحقق النائيني (رحمه الله) (1) - في أصوله - إلى توجيه آخر لا يلزمنا التعرض إليه وإلى غيره من التوجيهات، بل المهم لدينا بيان ما نراه حلا للاشكال وجوابا للسؤال وهو: أن الحديث يختص برفع الأثر المترتب - في لسان دليله - على الفعل الاختياري. ومستند ذلك هو مناسبة الحكم والموضوع، فإن مناسبة ترتيب الحكم على الاكراه هو ما ذكرنا، فلا يجري الحديث فيما إذا لم يكن موضوع الأثر من مقولة الفعل أو كان فعلا لكنه أخذ في موضوع الأثر بما هو هو لا بما هو اختياري للفاعل. إذ الاكراه يرجع إلى حمله المكره على الفعل بحيث لولاه لما كان يصدر من المكره، فإذا لم يكن موضوع الأثر من الأفعال بل كان من الأمور التكوينية المترتبة على الفعل لم يشمله حديث الرفع لو تحقق بسبب الاكراه، وذلك كالملاقاة التي هي موضوع الحكم بنجاسة الملاقي. وهكذا الحال فيما إذا كان موضوع الأثر مطلق الفعل لا خصوص الحصة الاختيارية منه. ومن ذلك الاتلاف الذي هو موضوع للضمان فإنه يترتب عليه الضمان كيفما تحقق.
والافتراق من قبيل الاتلاف، لما عرفت سابقا من عدم كون الافتراق المأخوذ في موضوع سقوط الخيار هو الحصة الاختيارية، بل الأعم منها ومن الحصة غير