ولو لم يكن وارث سوى العاقلة والأب ففي المتن فإن قلنا إن الأب لا يرث فلا دية له، وحيث إن عدم وراثة الأب لا يوجب عدم الدية فالدية ترجع إلى الإمام عليه الصلاة والسلام، ولا يطل دم مسلم، ومع وراثة الأب في المال الدية وغيرها يرث الدية ومع المنع في خصوص الدية يرث الإمام صلوات الله عليه الدية.
وقد يذكر في وجه التردد في المتن من أن الأب هو الجاني ولا يعقل ضمان الغير له جناية جناها. والعاقل إنما يضمن جنايته للغير، ومن إطلاق ما دل على وجوب الدية على العاقلة للورثة، والأب منهم، فيرث لوجود السبب وانتفاء المانع وتنظر فيه بمنع الاطلاق بحيث يشمل محل الفرض، لندرته، ودم تبادره، فيختص بغيره مما هو الغالب، فيرجع حينئذ إلى مقتضى الأصل من لزوم الدية على الجاني دون غيره.
ثم في دعوى كون الأب هنا من الورثة بقول مطلق نظر، أما على القول بعدم إرثه مطلقا فظاهر، وكذا على القول بعدم إرثه من الدية خاصة، إذ هو بالنسبة إليها ليس من الورثة، وأما على القول بإرثه منها فحسن، إن سلم منه ذلك كليا أو كان كذلك، وإلا فالدعوى من دونهما أو أحدهما مصادرة، وتسليم كونه وارثا فيما كان له ورثة غير العاقلة كالأم والبنت مثلا لا يستلزم تسليم كونه وارثا هنا، فتأمل جيدا.
ويمكن أن يقال: أما ما ذكر من عدم معقولية ضمان الغير له جناية جناها ففيه أن المضمون له في الحقيقة المقتول خطأ، والأب يرثه، فلا وجه لعدم المعقولية، كما لو أتلف الوالد مال ولده فمات الولد، فالوالد ضامن للوالد أولا، وهو المضمون له، ويرث المال المضمون.
ثم كيف يجتمع عدم المعقولية مع انحصار الوارث فيه مع المعقولية مع عدم الانحصار، ومع عدم المعقولية كيف يتصور إطلاق حتى منع من جهة الندرة وعدم التبادر، ومع المعقولية ووجود الاطلاق الندرة بحسب الوجود لا يوجب انصراف المطلق إلى الغالب، كما لا يخفى، ولعل لما ذكر أمر بالتأمل.