يراد بالثانية الاستمرار إلى قريب من الليل لا إليه، مؤيدا بالأصل، لأن لزوم الدية على الاطلاق مما ينفيه أصالة البراءة فينبغي الاقتصار فيه على المتيقن الذي هو الصورة الأولى، وأما الصور الباقية فالأصل عدم لزومها فيها أيضا، وإثبات الثلث والثلثين وإن كان خلاف الأصل حيث يزيدان على الحكومة إلا أنه جاء من قبل الاجماع، وعدم قائل بها مطلقا، فإن كان كل من نفى كمال الدية على الاطلاق قال بالقول الثاني المفصل على الاطلاق وعليه فليطرح الخبران المطلقان للدية مع كونهما قضية في واقعة، أو يحملان على الصورة الأولى خاصة التي هي أظهر الأفراد.
ويمكن أن يقال أولا لم يظهر وجه حمل الرواية المروية في الكافي والتهذيب على المعنى المراد في الرواية المروية في الفقيه والمقنع، مع ما فيهما من الاختلاف.
وثانيا لم يظهر وجه حمل " فقطع بوله " على معنى " قطع مجراه - الخ " أو على التقطيع مع اختلاف قطع مجردا وقطع من باب التفعيل، مع عدم الضبط وقوله على المحكي " إن كان البول يمر إلى الليل " قابل للحمل على الاستمرار إلى الليل، كما حمل وللحمل على حدوث المرار، وكما يمكن كون هذا قرينة على حمل فقطع على خلاف ظاهره، يمكن كون فقطع قرينة على حمل هذه العبارة على خلاف ظاهرها، ولعل التعليل بمنع المعيشة أنسب بكون المراد انقطاع البول دون استمراره.
إلا أن يقال: هذا فرع عدم كون الفعل المذكور في الخبر من باب التفعيل، وهو غير معلوم، تحصيل الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم مشكل، فإن عدم القول بالحكومة ليس قولا بعدم الحكومة، وما ذكر من أن لزوم الدية مما ينفيه أصالة البراءة فيه إشكال، لأنه مع الأخذ بروايتي غياث والمروي عن قرب الإسناد كيف يتمسك بأصالة البراءة ومع عدم الأخذ والعلم الاجمالي بلزوم الدية الكاملة أو بعضها أو الحكومة فالأقل متيقن، وحمل الخبرين على كونهما قضية في واقعة بعيد، فإن الظاهر أن إخبار الصادق عن قضاء علي صلوات الله عليهما في مقام بيان حكم الله في أمثال مورد القضاء والحمل على الصورة الأولى المذكورة بعيد جدا، فيقع التعارض بين خبري غياث والمروي عن قرب الإسناد وخبر إسحاق، فالمستفاد من المجموع