وإن لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء فيقول لهم: اصنعوا به ما شئتم إن شئتم آجروه وإن شئتم استعملوه ". (1) والمعروف الأخذ بما دل على التخلية وعدم الالزام بشئ للأشهرية عملا، والأصحية سندا، والأوفقية بالأصل والكتاب.
ويمكن أن يقال: لا مانع من الجمع بين الطرفين، فإن الفاقد للمال في الحال تارة يكون ليس بذي مرة بحيث يجوز له أخذ الزكاة أو الخمس، فلا تعرض له بحكم الشرع فهو مشمول لقوله تعالى " فنظرة إلى ميسرة " والخبر المذكور أعني خبر السكوني لا يشمله لأن مورده القادر على أن يعمل ويأخذ الأجرة ويتمكن من صرف مقدار من الأجرة لنفسه ولعياله ومقدار منها لتأدية دينه ومع عدم الوفاء يكون حاله حال الواجد للمال يستثنى له ما يستثنى.
وأخرى يكون ذا مرة فالواجب عليه تحصيل المال لنفقاته وأداء دينه وليس مشمولا للآية الشريفة وما دل من الأخبار من تخلية سبيله لعله ناظر إلى عدم ملازمته وحبسه ولا ينافي هذا وجوب تحصيل المال، ولعل ما في خبر السكوني من الدفع إلى الغرماء ليس لخصوصية بل يمكن أن يكون في مقام تحصيل المال وتأدية الدين، إلا أن يكون العمل حرجيا ولو من جهة عدم المناسبة ومخالفة شأنه، ومع كون العمل غير حرجي لعله داخل في الميسرة في الآية الشريفة.
وقد يقال: إن في أصل وجوب التكسب على القادر بهذا النحو إشكالا، وإن كان هو مقدمة للواجب الذي مقتضى الأصل كونه مطلقا إلا أن ذلك يتوقف على اطلاق الأمر بالأداء وإلا فالأصل في الواجب أن يكون مشروطا لأصل البراءة وغيره وإطلاق الكتاب والسنة إنما يقتضي الوجوب باليسار الممنوع صدقه بمجرد القدرة على التكسب الذي مقتضى ما سمعت كونه مشروطا بالنسبة إليه ويمكن أن يقال إذا كان الانظار معلقا على كونه ذا عسرة فكيف يتم صدق كونه ذا عسرة مع كونه ذا مرة، ومع إمكان الجمع بالنحو المذكور ما وجه الطرح.