ثم إن اختلاف آثار الضمان وأحكامه باختلاف موارده لا يوجب اختلافا في معناه فإن معناه كما عرفت هو كون الشئ في عهدة الضامن والخروج عن العهدة.
وتفريغ الذمة عما اشتغلت بها تارة بالعوض المسمى، وأخرى بالمثل أو القيمة، وثالثة بأقل الأمرين، كما في تلف الموهوب بشرط التعويض قبل دفع العوض، فاختار في المسالك (1) ثبوت أقل الأمرين، وذلك لأن المتهب كان له التخيير مع بقاء العين بين ردها ودفع المسمى، فإذا تلفت فإن كان الأقل هو المسمى فقد رضي به الواهب، وإن كان قيمة العين فحيث إن المتهب كان مخيرا فله رد الهبة برد قيمة العين.
ولكن عن جماعة (2) تعين دفع المسمى، لأن تعذر رد العين أوجب تعيين أحد عدلي التخيير، مع أنه يمكن أن يقال: بأن الضمان في الصحيح والفاسد كليهما المثل أو القيمة، فإن الضمان بالمسمى في الصحيح هو قبل القبض، وهو خارج عن القاعدة فإنها أسست لموارد ضمان اليد ويتحقق بالقبض. ويقال: إن بالقبض ينتقل الضمان، ومعنى انتقاله أن المسمى يصير بعد القبض هو المثل أو القيمة، ومعنى ضمان القابض بعد قبضه مع أن المقبوض ملكه أنه لو تلف وطرأ عليه فسخ أو انفساخ يجب عليه رد المثل أو القيمة، فالمثل أو القيمة هو المضمون في الصحيح والفاسد.
وبالجملة: مرادهم من انتقال الضمان بالقبض أن الضمان قبل القبض كان على المنتقل عنه، وبعده انتقل إلى المنتقل إليه. ولا شبهة أن الضمان كما ينتقل عن المالك الأصلي إلى المالك الفعلي كذلك ينتقل بالقبض من الضمان الجعلي إلى الضمان الواقعي، أي ينتقل من المسمى إلى المثل أو القيمة، فلا فرق بعد القبض بين المقبوض بالعقد الصحيح والفاسد. وعلى هذا، فلا وجه للالتزام بأن الخروج