وأما حكمه الوضعي: فقد عرفت (1) في الأمر الثامن في المعاطاة ما يظهر من بعضهم: من حصول الملك بالقبض الحاصل بعد العقد الفاسد، زاعما كونه معاطاة أو راجعا إليها، وفيهما ما لا يخفى:
أما في الأول: فلأن الرضا أمر بسيط ما به امتيازه عين ما به اشتراكه، وليس من قبيل الجنس المتقوم بفصول مختلفة حتى يبتنى على تلك المسألة، فإذا لم يرتب الشارع على الرضا في ضمن المعاملة الفاسدة أثرا فليس هناك رضا آخر.
نعم، لو فرض رضا جديدا بتصرف المأذون في ملك الآذن فهو موجب لجواز التصرف، ولكنه خارج عن الرضا بالمعاقدة.
وبالجملة: فرق بين الرضا الحاصل من باب أنه ملك للقابض - للجهل بالفساد، أو للبناء على الصحة تشريعا، أو لا هذا ولا ذاك، بل مجرد البناء المعاملي ولو عصيانا، كما في بناء الغاصب والمقامر ونحوهما على البيع - وبين الرضا الحاصل من باب أنه ملك للآذن.
وما يوجد في المقبوض بالعقد الفاسد هو الأول، والمفروض أن الشارع لم يرتب عليه الأثر، فالأقوى بالنسبة إلى الحكم التكليفي هو حرمة التصرف ووجوب الرد فورا.
وأما في الثاني: فقد عرفت أن القبض الواقع بعد العقد الفاسد إنما يقع وفاء، لا إغماضا عن العقد، فالأقوى عدم حصول الملك بالقبض بعد العقد الفاسد، فيضمن القابض ما أخذه به.
والدليل عليه - مضافا إلى دعوى الاجماع عليه من الأساطين (2) - النبوي المعمول به عند الفريقين (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (3) فإن الظرف في المقام ظرف مستقر لوقوعه خبرا، فاستقرار الأموال وثبوتها على اليد ظاهر في