إلا أن يقال: في باب السلم يتوقف ثبوتا صحة العقد على الأمر الاستقبالي بأن لا يكون المسلم فيه عزيز الوجود، فلو قال: (بعتك الحنطة سلما) إذا كان مبذولا في ذاك الزمان دخل في التعليق على الأمر الاستقبالي المعلوم أو المشكوك حصوله ومما يتوقف صحة العقد عليه.
وكيف كان، فالمتيقن من الاجماع بطلان التعليق بما كان مشكوك الحصول، ولم تتوقف صحة العقد عليه، حاليا كان أو استقباليا.
والظاهر أن الاستقبالي المعلوم الحصول زمانا كان أو زمانيا إذا لم يتوقف صحة العقد عليه ملحق بالصورتين المتقدمتين في دخوله في معقد الاجماع. وأما باقي الصور الخمس وهو معلوم الحصول الحالي الذي لا يتوقف عليه صحة العقد والصور الأربع التي يتوقف عليه صحة العقد فهي خارجة عن معقد الاجماع، فلا محذور في تعليقها بها، بل الحق أن الاجماع الثابت في الصور الثلاث ليس إجماعا تعبديا، بل إنما أبطلوها لتوهم اعتبار التنجيز أو مانعية التعليق.
نعم، يمكن أن يقال: إن التعليق ليس مما جرى عليه العرف والعادة في الأمور العهدية والعقود المتعارفة بين عامة الناس وإن مست الحاجة إليه أحيانا في العهو د الواقعة بين الدول والملوك فلا يشمله أدلة العقود والعناوين، لكونه مما يشك في صدقها عليه.
ومن هذا البيان يظهر وجه الصحة فيما لو علق العقد على ما يتوقف صحته عليه، سواء كان المعلق عليه معلوما أو مشكوكا، لجريان العرف والعادة على التعليق عليه، سيما إذا كان مشكوكا فإن طريق التخلص منوط به، ونرى وقوعه كثيرا بين عامة الناس، وبعد كونه متعارفا يصدق العقد عليه فلا محذور فيه، وهذا هو المدرك للصحة، لا ما أفاده شيخ الطائفة بأن المنشئ لم يشترط إلا ما يقتضيه إطلاق العقد، (1) فإن هذا الوجه لا ينهض لدفع محذور التعليق إن كان فيه محذور كما أورد عليه المصنف قدس سره.