الأرض بركاتها) (1).
هذا، مع أن من مناسبة الحكم والموضوع يستفاد أن كل من تعهد مالا وجعل ضمانه في عهدته فخراجه له، لأن العاقل لا يتعهد مالا إلا لأن يملك نماءه ومنافعه ويصرفهما في حوائجه، وهذا يختص بالضمان الجعلي الأصلي الفعلي الذي أمضاه الشارع، فيخرج منه الضمان القهري كباب الغصب، والضمان التبعي كضمان البائع للمبيع والمشتري للثمن قبل القبض، لأن ما تعهده البائع أصالة هو ضمان الثمن الذي انتقل إليه. ومعنى ضمانه له أن دركه عليه بحيث أنه لو تلف ثم طرأ على المعاوضة فسخ أو انفساخ يجب عليه رد مثله أو قيمته.
وهكذا في طرف المشتري فإن ما تضمنه أصالة هو المثمن، وضمان كل منهما لما انتقل عنه إنما هو لشرط التسليم الذي يتضمنه كل عقد، فمناسبة الحكم مع موضوعه تقتضي خروج الضمان التبعي، لأن هذا الضمان على عكس ما اقتضاه المعاوضة، فإن البائع أقدم على المعاوضة لأن يملك منافع الثمن، وحيث إن هذا الأقدام يقتضي تسليم المبيع فلا يمكن أن تكون منافعه للبائع.
ويخرج عنه - أيضا - الضمان التقديري كالضمان في باب أعتق عبدك عني، والضمان في باب السبق والرماية قبل وصول السابق والرشق، فإن منافع العبد والسبق والعوض ليس للآمر والسابق والرامي، لعدم كونها فعلا ملكا للضامن، مع أن المضمون غالبا خارج عن تحت تصرف الضامن فلا معنى لأن تكون منافعه له، ويخرج عنه المقبوض بالعقد الفاسد، لعدم كون الضمان الجعلي ممضيا شرعا، فوجوده كالعدم.
إذا ظهر معنى الحديث إجمالا فنقول: لو لم يرجع أحد المتعاطيين فنماء كل عين أو منافعها لمن بيده، سواء قلنا بالملك أو الإباحة.
أما على الملك فواضح.