وأما على الثاني: فيمكن أن يقال: إن العقد الذي كان سببا لتملك المباح له وانتقال المال عن ملكه إلى الثالث إذا ارتفع بالفسخ يرتفع كلا مسببية.
وبتعبير آخر: لو قلنا: إن الملك الحاصل للمباح له إنما هو باقتضاء العقد الناقل الواقع بين المباح له مع الثالث فإذا بطل العقد بطل مقتضاه رأسا.
ثم إنه يمكن أن يقال: إنه لا يقتضي دخول الملك في ملك المباح له إلا في خصوص العقد المعاوضي، لا مطلق العقد الناقل حتى مثل الهبة، وذلك لأن العقد المعاوضي يقتضي دخول العوض في ملك من خرج عنه المعوض، فعقد المباح له مع المشتري يقتضي دخول الثمن في ملكه، وخروج المثمن عن ملكه إلى ملك المشتري، ولازمه أن يخرج المال عن ملك المبيح، ويدخل في ملك المباح له آنا ما حتى يمكن أن يخرج عن ملكه، فإذا فسخ المباح له ما أنشأه أصالة بطل لازمه، فيرجع بفسخه إلى ملك المبيح.
وبالجملة: لو كانت المعاوضة مقتضية للخروج وجب الالتزام بأمرين.
أحدهما: أن الخروج ثابت ما دام العوض باقيا على عوضيته، فإذا رجع عما هو عليه رجع إلى ملك مالكه الأصلي.
وثانيهما: عدم اقتضاء ذلك في هبة المباح له، إذ لا عوض فيها، فيمكن أن يخرج المال رأسا عن ملك المبيح إلى المتهب.
هذا تمام الكلام في شرح العبارة، وتوضيح الفرق بين كون إرادة التصرف موجبة للملكية والعقد الناقل، ولكن الفرق بينهما ضعيف جدا، والفرق بين البيع والهبة أضعف.
أما الأول: فلأن تقدير الملك آنا ما للمباح له في المقام ليس لأجل وقوع العقد بينه وبين الثالث، بل لاقتضاء المعاطاة ذلك، فإن الضمان بالمسمى الذي هو مفاد المعاطاة يقتضي أن يكون تلف أحد العوضين أو نقله من ملك المتلف أو الناقل، ودخول العوض الآخر في ملك المبيح، ولازمه رجوع المال بالفسخ إلى الناقل لا المبيح، فإنه لو رجع إليه يلزم أن يخرج العوض الآخر عن ملكه، وأن