الأدلة الدالة على وجوب التصدق المطلق مع سكوتها عن الضمان حاكمة على قوله: (حتى تؤدي)، فتجعل الأداء أعم من الأداء إلى المالك، أو من هو بمنزلته:
كالحاكم أو الفقير.
ثم بناء عليه لا فرق بين أن يتصدق هو بنفسه أو يدفع إلى الحاكم فيتصدق به.
كما أنه بناء على الضمان لو قلنا بأن ولاية هذا المال للحاكم فلو دفعه إليه يخرج عن الضمان، لأن الدفع إلى الولي بمنزلة الدفع إلى المولى عليه، فلا هو ضامن ولا الحاكم.
نعم، لو قلنا بالضمان وقلنا بعدم الولاية للحاكم لكن يجوز الدفع إليه، لأعرفيته بموارد الصدقة، فلو تصدق الحاكم فالضمان على من كان المال في يده، لأن الحاكم بمنزلة الوكيل له، وإتلاف الوكيل لا يوجب ضمانا عليه، بل على الموكل.
ثم بناء على ما اخترناه من عدم الضمان مطلقا فلا موقع للبحث عن الفروع الثلاثة التي فرعها شيخنا الأنصاري قدس سره على الضمان:
أولها: هل يثبت الضمان بمجرد التصدق وإجازة المالك رافعة له، أو يثبت بالرد من حينه أو من حين التصدق؟
وثانيها: أنه لو ماتا لمالك فهل لورثته الإجازة والرد أو لا؟
وثالثها: أنه لو مات المتصدق ورد المالك فهل يتعلق المال بذمة الدافع ويخرج من تركته أو لا؟ فإنه لا محل لهذه الفروع، لما عرفت: من أنه لا يقاس المقام بباب اللقطة ووديعة اللص.
نعم، بناء على الضمان في المقام مطلقا، أو على التفصيل، أو جعل موضوع البحث باب اللقطة وما يلحق بها فللنزاع في هذه الفروع مجال، والأقوى في الأول منها هو الضمان بمجرد التصدق إذا كانت يده يد أمانة (1)، لأن به يتحقق الإتلاف، غاية الأمر: أن إجازته بمنزلة الإبراء.