ثم إنه قد يثبت فساد هذا الشرط لا من جهة لزوم الغرر في البيع حتى يلزم فساد البيع ولو على القول بعدم استلزام فساد الشرط لفساد العقد، بل من جهة أنه إسقاط لما لم يتحقق، بناء على ما عرفت: من أن الخيار إنما يتحقق بالرؤية، فلا يجوز إسقاطه قبلها، فاشتراط الإسقاط لغو، وفساده من هذه الجهة لا يؤثر في فساد العقد، فيتعين المصير إلى ثالث الأقوال المتقدمة.
لكن الإنصاف: ضعف وجه هذا القول.
وأقوى الأقوال أولها، لأن دفع الغرر عن هذه المعاملة وإن لم يكن لثبوت (1) الخيار، لأن الخيار حكم شرعي لا دخل له في الغرر العرفي المتحقق في البيع، إلا أنه لأجل سبب الخيار، وهو اشتراط تلك الأوصاف المنحل إلى ارتباط الالتزام العقدي بوجود هذه الصفات، لأنها إما شروط للبيع وإما قيود للمبيع - كما تقدم سابقا - واشتراط سقوط الخيار راجع إلى الالتزام بالعقد على تقديري وجود تلك الصفات وعدمها، والتنافي بين الأمرين واضح.
وأما قياس هذا الاشتراط باشتراط البراءة، فيدفعه الفرق بينهما:
بأن نفي العيوب ليس مأخوذا في البيع على وجه الاشتراط أو التقييد، وإنما اعتمد المشتري فيهما على أصالة الصحة، لا على تعهد البائع لانتفائها حتى ينافي ذلك اشتراط براءة البائع عن عهدة انتفائها، بخلاف الصفات فيما نحن فيه، فإن البائع يتعهد لوجودها في المبيع والمشتري يعتمد على هذا التعهد، فاشتراط البائع على المشتري عدم تعهده لها