التجري أولى من تحصيل العلم بالانقياد، بخلاف مقام إحقاق حقوق الناس، فإن مراعاة الجميع (1) أولى من إهمال أحدهما رأسا وإن اشتمل على إعمال الآخر، إذ ليس الحق فيهما لواحد (2) كما في حقوق الله سبحانه.
ثم إن قاعدة الجمع حاكمة على دليل القرعة، لأن المأمور به هو العمل بكل من الدليلين لا بالواقع المردد بينهما، إذ قد يكون كلاهما مخالفا للواقع، فهما سببان مؤثران بحكم الشارع في حقوق الناس، فيجب مراعاتها وإعمال أسبابها بقدر الإمكان، إذ لا ينفع توفية حق واحد مع إهمال حق الآخر رأسا (3).
ثم إن المعروف في الجمع بين البينات الجمع بينها (4) في قيمتي الصحيح، فيؤخذ من القيمتين للصحيح نصفهما ومن الثلاث ثلثها (5) ومن الأربع ربعها (6) وهكذا في المعيب، ثم تلاحظ النسبة بين المأخوذ للصحيح وبين المأخوذ للمعيب ويؤخذ بتلك النسبة. فإذا كان إحدى قيمتي الصحيح اثني عشر والأخرى ستة، وإحدى قيمتي المعيب أربعة (7)