ومن هنا ظهر: أن ثبوت خيار المجلس في أول أزمنة انعقاد البيع لا ينافي كونه في حد ذاته مبنيا على اللزوم، لأن الخيار حق خارجي قابل للانفكاك. نعم، لو كان في أول انعقاده محكوما شرعا بجواز الرجوع بحيث يكون حكما فيه، لاحقا مجعولا قابلا للسقوط، كان منافيا لبنائه على اللزوم. فالأصل هنا - كما قيل (1) - نظير قولهم: إن الأصل في الجسم الاستدارة، فإنه لا ينافي كون أكثر الأجسام على غير الاستدارة لأجل القاسر الخارجي.
ومما ذكرنا ظهر وجه النظر في كلام صاحب الوافية، حيث أنكر هذا الأصل لأجل خيار المجلس (2). إلا أن يريد أن الأصل بعد ثبوت خيار المجلس بقاء عدم اللزوم، وسيأتي ما فيه.
بقي الكلام في معنى قول العلامة في القواعد والتذكرة: " إنه لا يخرج من هذا الأصل إلا بأمرين: ثبوت خيار، أو ظهور عيب ". فإن ظاهره أن ظهور العيب سبب لتزلزل البيع في مقابل الخيار، مع أنه من أسباب الخيار.
وتوجيهه بعطف الخاص على العام - كما في جامع المقاصد (3) - غير ظاهر، إذ لم يعطف العيب على أسباب الخيار، بل عطف على نفسه، وهو مباين له لا أعم.
نعم، قد يساعد عليه ما في التذكرة من قوله: وإنما يخرج عن