والأولى توجيه الرواية: بأن الحكم بتقديم قول المنادي لجريان العادة بنداء الدلال عند البيع بالبراءة من العيوب على وجه يسمعه كل من حضر للشراء، فدعوى المشتري مخالفة للظاهر، نظير دعوى الغبن والغفلة عن القيمة ممن لا يخفى عليه قيمة المبيع.
بقي في الرواية إشكال آخر، من حيث إن البراءة من العيوب عند نداء المنادي لا يجدي في سقوط خيار العيب، بل يعتبر وقوعه في متن العقد.
ويمكن التفصي عنه: إما بالتزام كفاية تقدم الشرط على العقد بعد وقوع العقد عليه، كما تقدم (1) في باب الشروط. وإما بدعوى أن نداء الدلال بمنزلة الإيجاب، لأنه لا ينادي إلا بعد أن يرغب فيه أحد الحضار بقيمته، فينادي الدلال ويقول: بعتك هذا الموجود بكل عيب، ويكرر ذلك مرارا من دون أن يتم الإيجاب حتى يتمكن من إبطاله عند زيادة من زاد، والحاصل: جعل نداءه إيجابا للبيع. ولو أبيت إلا عن أن المتعارف في الدلال كون ندائه قبل إيجاب البيع، أمكن دعوى كون المتعارف في ذلك الزمان غير ذلك، مع أن الرواية لا تصريح فيها بكون البراءة في النداء قبل الإيجاب، كما لا يخفى.