وقد يستشكل ما ذكرنا: تارة بعدم التعارض بينهما عند التحقيق، لأن مرجع بينة النفي إلى عدم وصول نظرها وحدسها إلى الزيادة، فبينة الإثبات المدعية للزيادة سليمة.
وأخرى بأن الجمع فرع عدم اعتضاد إحدى البينتين بمرجح، وأصالة البراءة هنا مرجحة للبينة الحاكمة بالأقل.
وثالثة بأن في الجمع مخالفة قطعية وإن كان فيه موافقة قطعية، لكن التخيير الذي لا يكون فيه إلا مخالفة احتمالية أولى منه.
ويندفع الأول بأن المفروض أن بينة النفي تشهد بالقطع على نفي الزيادة واقعا، وأن بذل الزائد في مقابل المبيع سفه.
ويندفع الثاني بما قررناه في الأصول (1): من أن الأصول الظاهرية لا تصير مرجحة للأدلة الاجتهادية، بل تصلح مرجعا في المسألة لو تساقط الدليلان من جهة ارتفاع ما هو مناط الدلالة فيهما لأجل التعارض، كما في الظاهرين المتعارضين كالعامين من وجه المطابق أحدهما للأصل، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل. والحاصل: أن بينة الزيادة تثبت أمرا مخالفا للأصل، ومعارضتها بالأخرى النافية لها لا يوجب سقوطها بالمرة لفقد المرجح، فيجمع بين النفي والإثبات في النصفين.
ويندفع الثالث بأن ترجيح الموافقة الاحتمالية الغير المشتملة على المخالفة القطعية على الموافقة القطعية المشتملة عليها إنما هو في مقام الإطاعة والمعصية الراجعتين إلى الانقياد والتجري، حيث إن ترك