المتقدم على العلامة، وحاصل وجهه: أن صفة الصحة لم تقابل بشئ من الثمن حتى يكون المقابل للمعيب الفاقد للصحة أنقص منه قدرا، بل لم تقابل بشئ أصلا ولو من غير الثمن وإلا لثبت في ذمة البائع وإن لم يختر المشتري الأرش، بل الصحة وصف التزمه البائع في المبيع من دون مقابلته بشئ من المال كسائر الصفات المشترطة في المبيع، إلا أن الشارع جوز للمشتري مع تبين فقده أخذ ما يخصه بنسبة المعاوضة من الثمن أو غيره. وهذه غرامة شرعية حكم بها الشارع عند اختيار المشتري لتغريم البائع.
هذا، ولكن يمكن أن يدعى: أن المستفاد من أدلة تحريم الربا وحرمة المعاوضة إلا مثلا بمثل - بعد ملاحظة أن الصحيح والمعيب جنس واحد - أن وصف الصحة في أحد الجنسين كالمعدوم لا يترتب على فقده استحقاق عوض، ومن المعلوم: أن الأرش عوض وصف الصحة عرفا وشرعا، فالعقد على المتجانسين لا يجوز أن يصير سببا لاستحقاق أحدهما على الآخر زائدا على ما يساوي الجنس الآخر. وبالجملة، فبناء معاوضة المتجانسين على عدم وقوع مال في مقابل الصحة المفقودة في أحدهما.
والمسألة في غاية الإشكال، ولا بد من مراجعة أدلة الربا وفهم حقيقة الأرش، وسيجئ بعض الكلام فيه إن شاء الله.
الثاني: ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة، فإنه لا يتصور هنا أرش حتى يحكم بثبوته، وقد مثلوا لذلك بالخصاء في العبيد (1).