من صفات المبيع لم يكن تبين فقده كاشفا عن بطلان البيع، بل كان كسائر الصفات المقصودة التي لا يوجب تبين فقدها إلا الخيار، فرارا عن استلزام لزوم المعاملة إلزامه بما لم يلتزم ولم يرض به، فالآية إنما تدل على عدم لزوم العقد، فإذا حصل التراضي بالعوض الغير المساوي كان كالرضا السابق، لفحوى حكم الفضولي والمكره.
ويضعف بمنع كون الوصف المذكور عنوانا، بل ليس إلا من قبيل الداعي الذي لا يوجب تخلفه شيئا، بل قد لا يكون داعيا أيضا. كما إذا كان المقصود ذات المبيع من دون ملاحظة مقدار ماليته، فقد يقدم على أخذ الشئ وإن كان ثمنه أضعاف قيمته والتفت إلى احتمال ذلك، مع أن أخذه على وجه التقييد لا يوجب خيارا إذا لم يذكر في متن العقد.
ولو أبدل قدس سره هذه الآية بقوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * (1) كان أولى، بناء على أن أكل المال على وجه الخدع ببيع ما يسوي درهما بعشرة مع عدم تسلط المخدوع بعد تبين خدعه على رد المعاملة وعدم نفوذ رده أكل المال بالباطل، أما مع رضاه بعد التبين بذلك فلا يعد أكلا بالباطل.
ومقتضى الآية وإن كان حرمة الأكل حتى قبل تبين الخدع، إلا أنه خرج بالإجماع وبقي ما بعد اطلاع المغبون ورده للمعاملة.
لكن يعارض الآية ظاهر قوله تعالى: * (إلا أن تكون تجارة عن تراض) * بناء على ما ذكرنا: من عدم خروج ذلك عن موضوع التراضي،