على الآخر ترجيح واضح (1)، لأن بعد ما ثبت عدم حلية فعل المنافيات قبل التسليم بمقتضى مفهوم التحليل، فلا معنى لاستحباب المحلل.
ولا يخفى أن النسبة حينئذ مجازية، وهي خلاف الأصل، وذلك (2) لأن التحليل لم يحصل حينئذ بالتسليم، بل فعل المنافيات حلال قبل التسليم، لأن المفروض تمامية الصلاة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله على القول بالاستحباب.
فإن قلت: نعم إنه قد فرغ من واجبات الصلاة ولكنه باق في مستحباتها، فهذه الصيغة تخرج عن الواجبات والمستحبات جميعا.
قلت: البقاء في المستحبات لا ينفع مع تجويز فعل ما كان محرما سابقا، فكيف يصح مع ذلك القول بكون التسليم مخرجا عن الصلاة ومحللا.
فإن قلت: البقاء في الصلاة لا يستلزم وجوب ما يجب عليه فيها وتحريم ما يحرم عليه، بل يحصل بالمحافظة على الشروط وثواب المصلي واستجابة الدعاء.
قلت: هذا خروج عن الظاهر لوجوه، أما في معنى التحليل فظاهر.
وأما في معنى الخروج فكذلك أيضا، لأنه تخصيص بعيد لم يقم عليه دليل.
وأيضا ادعى السيد - رحمه الله - الاجماع على أن الخروج من الصلاة واجب كالدخول فيها (3)، فإن لم يقف الخروج منها على التسليم دون غيره جاز أن يخرج بغيره من الأفعال المنافية للصلاة كما يقول أبو حنيفة (4)، وأصحابنا لا يجيزون ذلك، فثبت وجوب التسليم.