وقال المحقق في المعتبر بأنه مخير حينئذ بين الإتيان بالتشهد وعدمه (1)، واستدل عليه بموثقة عمار، عن الصادق عليه السلام، قال: سألته عن الرجل يدرك الإمام وهو قاعد يتشهد وليس خلفه إلا رجل واحد عن يمينه، قال: " لا يتقدم الإمام ولا يتأخر الرجل، ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الإمام، فإذا سلم الإمام قام الرجل فأتم الصلاة " (2) و (3).
وأنت خبير بأن (4) استدلاله - رحمه الله - على التخيير لا يتم بهذه الموثقة فقط إن كان مراده مجموع القعود للتشهد ونفسه وإثبات التخيير في ذلك، بل لا بد من انضمام موثقة عمار الأخرى، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أدرك الإمام وهو جالس بعد الركعتين، قال: " يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الإمام حتى يقوم " (5) ولعل ذلك يحتاج (إلى دعوى الاجماع المركب أيضا) (6) مع أن هذا ليس مراده، لنصه بالجلوس.
وإن كان مراده التخيير في نفس التشهد فلا وجه له أيضا، إلا أن يقال: القعود مطلق، والمطلق مخير في إيجاده في ضمن الأفراد، ولم يظهر من عمومات متابعة الإمام للمأموم استحبابه ههنا، ولم تنصرف الإطلاقات إلى ذلك، وكذا الأخبار الدالة على أن التشهد بركة كما سيجئ إن شاء الله تعالى، فيبقى الإطلاق بحاله.
وقد ظهر من مجموع ما ذكرنا أن الفضيلة لعلها تدرك بإدراك التشهد، وقد يقال: لا تدرك بذلك، لأن ظاهر صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة ذلك، إذا جعل منتهى إدراكه الفضيلة إدراكه في السجدة الأخيرة.