وأما قرينة المقابلة المؤيدة للحجية في خصوص المقام سيما في مثل صحيحة عمر بن حنظلة; فتضعف بملاحظة العمومات والإطلاقات الكثيرة الدالة على ثبوت القنوت في جميع الصلوات، وفي الركعة الثانية منها، إذ الظاهر فيما لم يصرح فيها بكونه في الثانية أيضا ذلك، لأن الظاهر كونها على وتيرة واحدة في المجموع فإن قلت: لو كان كذا فلا بد أن يكون هذا أيضا ما قبل الركوع على وتيرتها.
قلت: إنما يثبت التخصيص في ذلك بالأدلة المتقدمة مع اعتضادها بالشهرة والعمل، وهذا لا ينافي ثبوت أصل القنوت. مع أن الأخبار المتقدمة أقوى من جهة الصراحة وعمل الأصحاب واستصحاب شغل الذمة وغير ذلك.
وليس لأحد أن يقول: هذه مخالفة للعامة وموافقة للخاصة كما يظهر من صحيحة أبي بصير المتقدمة، لأن الذي ظهر منها أن الموافقة تحصل بهما معا، لا بالأول فقط، وإنما يثبت الترجيح لو كان فعلهما معا موافقا للعامة، ومجرد المخالفة للعامة لو كانت تصير منشأ للاعتبار لكان الوجه غير منحصر فيما ذكرت، بل المدار على ملاحظة ذلك بالنسبة إلى القولين، فتدبر.
وأما بعض الأخبار التي يظهر منها نفي القنوت قبلا وبعدا (1) فمحمولة على نفي الوجوب أو التقية أو غير ذلك.
ثم إنه يمكن تقوية تقديم القنوت على الركوع في الأخيرة أيضا، نظرا إلى الإطلاقات، وإلى ما أشار إليه الصدوق من أنه فتوى مشايخه رضوان الله عليهم، وأن تقديمه مما تفرد بروايته حريز عن زرارة، وظهور كون ذلك مشهورا عند القدماء من كلامه، فلم يبق من جهة ذلك الاعتماد التام على مثل الشهرة في هذا المقام.
فإن قلت: هذا قول ثالث، ولا يجوز خرق الاجماع قلت: ممنوع، لأن الصدوق ليس كلامه نصا في خلاف المشهور من جهة نفس